كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)

الْخُصُومَةُ فِي شَأْنِ أَمْوَال بَيْتِ الْمَال:
27 - إِذَا ادُّعِيَ عَلَى بَيْتِ الْمَال بِحَقٍّ، أَوْ كَانَ لِبَيْتِ الْمَال حَقٌّ قِبَل الْغَيْرِ، وَرُفِعَتِ الدَّعْوَى بِذَلِكَ أَمَامَ الْقَضَاءِ، كَانَ لِلْقَاضِي الَّذِي رُفِعَتِ الدَّعْوَى إِلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ فِيهَا، وَلَوْ أَنَّهُ أَحَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ. وَإِذَا كَانَ الْقَاضِي نَفْسُهُ هُوَ الْمُدَّعِيَ أَوِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلاَ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى أَصْلاً، وَلاَ عَلَى نَائِبِهِ، بَل لاَ بُدَّ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَدَّعِي وَمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ (1) .
وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يُمْكِنُ الاِدِّعَاءُ بِهِ: إِيرَادَاتُ بَيْتِ الْمَال إِذَا قَبَضَهَا الْعَامِل، وَأَنْكَرَ صَاحِبُ بَيْتِ الْمَال أَنَّهُ قَبَضَهَا مِنَ الْعَامِل. فَيُطَالَبُ الْعَامِل بِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى صَاحِبِ بَيْتِ الْمَال بِالْقَبْضِ، فَإِنْ عَدِمَهَا أُحْلِفَ صَاحِبُ بَيْتِ الْمَال، وَأُخِذَ الْعَامِل بِالْغُرْمِ (2) .

الاِسْتِقْصَاءُ عَلَى الْوُلاَةِ وَمُحَاسَبَةُ الْجُبَاةِ:
28 - عَلَى الإِْمَامِ وَوُلاَتِهِ أَنْ يُرَاقِبُوا مَنْ يُوَكَّل إِلَيْهِمْ جَمْعُ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَجِبُ لِبَيْتِ الْمَال، وَأَنْ يَسْتَقْصُوا عَلَيْهِمْ فِيمَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ مِنْ أَمْوَال بَيْتِ الْمَال، وَيُحَاسِبُوهُمْ فِي ذَلِكَ مُحَاسِبَةً دَقِيقَةً.
__________
(1) شرح المنهاج للمحلي 4 / 303، ونهاية المحتاج 8 / 324.
(2) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 239.
فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَال: اسْتَعْمَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً مِنَ الأَْزْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ. (1)
وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِيرَادِ الصَّدَقَاتِ وُجُوبُ رَفْعِ الْحِسَابِ عَنْهَا إِلَى كَاتِبِ الدِّيوَانِ، وَيَجِبُ عَلَى كَاتِبِ الدِّيوَانِ مُحَاسَبَتُهُمْ عَلَى صِحَّةِ مَا رَفَعُوهُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ مَصْرِفَ الْعُشْرِ وَمَصْرِفَ الْخَرَاجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحِدٌ.
وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَلاَ يَجِبُ عَلَى الْعُمَّال رَفْعُ الْحِسَابِ عَنِ الْعُشُورِ؛ لأَِنَّهَا عِنْدَهُ صَدَقَةٌ، لاَ يَقِفُ مَصْرِفُهَا عَلَى اجْتِهَادِ الْوُلاَةِ.
وَأَمَّا عُمَّال الْخَرَاجِ فَيَلْزَمُهُمْ رَفْعُ الْحِسَابِ بِاتِّفَاقِ الْمَذْهَبَيْنِ. وَيَجِبُ عَلَى كَاتِبِ الدِّيوَانِ مُحَاسَبَتُهُمْ عَلَى صِحَّةِ مَا رَفَعُوهُ.
ثُمَّ مَنْ وَجَبَتْ مُحَاسَبَتُهُ مِنَ الْعُمَّال لاَ يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ:
الأُْولَى: إِنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَاتِبِ الدِّيوَانِ اخْتِلاَفٌ فِي الْحِسَابِ كَانَ كَاتِبُ الدِّيوَانِ مُصَدَّقًا فِي الْحِسَابِ. وَإِنِ اسْتَرَابَ فِيهِ وَلِيُّ الأَْمْرِ كَلَّفَهُ إِحْضَارَ
__________
(1) نهاية الأرب للنويري 8 / 192 ط دار الكتب المصرية وحديث أبي حميد الساعدي في ابن اللتبية تقدم (ف / 6) .

الصفحة 263