كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)

شَوَاهِدِهِ، فَإِنْ زَالَتِ الرِّيبَةُ عَنْهُ فَلاَ يَحْلِفُ، وَإِنْ لَمْ تَزُل الرِّيبَةُ - وَأَرَادَ وَلِيُّ الأَْمْرِ تَحْلِيفَهُ عَلَيْهِ - حَلَفَ الْعَامِل دُونَ كَاتِبِ الدِّيوَانِ؛ لأَِنَّ الْمُطَالَبَةَ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى الْعَامِل دُونَ كَاتِبِ الدِّيوَانِ.
الثَّانِيَةُ: إِنْ وَقَعَ بَيْنَ الْعَامِل وَكَاتِبِ الدِّيوَانِ اخْتِلاَفٌ فِي الْحِسَابِ:
فَإِنْ كَانَ اخْتِلاَفُهُمَا فِي الدَّخْل، فَالْقَوْل قَوْل الْعَامِل؛ لأَِنَّهُ مُنْكِرٌ. وَإِنْ كَانَ اخْتِلاَفُهُمَا فِي الْخَرْجِ، فَالْقَوْل قَوْل الْكَاتِبِ؛ لأَِنَّهُ مُنْكِرٌ.
وَإِنْ كَانَ اخْتِلاَفُهُمَا فِي تَقْدِيرِ الْخَرَاجِ، كَمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي مِسَاحَةٍ يُمْكِنُ إِعَادَتُهَا أُعِيدَتْ وَيُعْمَل فِيهَا بِمَا يَتَبَيَّنُ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِعَادَتُهَا يَحْلِفُ رَبُّ الْمَال دُونَ الْمَاسِحِ. (1)
29 - وَقَدْ فَصَّل الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى صِفَةَ الْمُحَاسَبَةِ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَعْرَضَا مَا يُعْتَبَرُ حُجَّةً فِي قَبْضِ، الْوُلاَةِ مِنَ الْجُبَاةِ، وَأَنَّهُ يُعْمَل فِي ذَلِكَ بِالإِْقْرَارِ بِالْقَبْضِ، أَمَّا الْخَطُّ إِذَا أَنْكَرَهُ، أَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ فَعُرْفُ الدَّوَاوِينِ أَنْ يُكْتَفَى بِهِ، وَيَكُونُ حُجَّةً. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَعْتَرِفِ الْوَالِي أَنَّهُ خَطُّهُ أَوْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي الْقَبْضِ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ بِخَطِّهِ فِي
__________
(1) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 240، وانظر نهاية الأرب في أدب العرب للنويري 8 / 192 ـ 219.
الإِْلْزَامِ إِجْبَارًا، وَإِنَّمَا يُقَاسُ بِخَطِّهِ إِرْهَابًا لِيَعْتَرِفَ بِهِ طَوْعًا.
وَقَدْ يَعْتَرِفُ الْوَالِي بِالْخَطِّ وَيُنْكِرُ الْقَبْضَ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْحُقُوقِ السُّلْطَانِيَّةِ خَاصَّةً حُجَّةً لِلْعَامِلِينَ بِالدَّفْعِ، وَحُجَّةً عَلَى الْوُلاَةِ بِالْقَبْضِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ. وَأَوْرَدَ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ ثُمَّ قَال: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ. وَلاَ لِلْعَامِلِينَ، حَتَّى يُقِرَّ بِهِ لَفْظًا كَالدُّيُونِ الْخَاصَّةِ. قَال: وَفِيمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مُقْنِعٌ (1) .
وَيُلاَحَظُ أَنَّ كُل مَا وَرَدَ إِلَى عُمَّال الْمُسْلِمِينَ، أَوْ خَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمَال الْعَامِّ، فَحُكْمُ بَيْتِ الْمَال جَارٍ عَلَيْهِ فِي دَخْلِهِ إِلَيْهِ وَخَرْجِهِ عَنْهُ؛ وَلِذَلِكَ تُجْرَى الْمُحَاسَبَةُ عَلَيْهِ (2) .
__________
(1) نهاية الأرب 8 / 192 دار الكتب المصرية، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 238.
(2) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 235.

الصفحة 264