كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)

يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلاَ بَيْعُ بَيْضٍ فِي بَطْنِ دَجَاجَةٍ؛ لأَِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ (1) . . .
هَذَا وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِ الْبَيْضِ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَابْنُ شَعْبَانَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْقَدِيمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ الْبَيْضُ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ؛ لأَِنَّ عِلَّةَ الرِّبَا عِنْدَهُمُ الْكَيْل مَعَ الْجِنْسِ، أَوِ الْوَزْنُ مَعَ الْجِنْسِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِرِبَا الْفَضْل. وَلاَ يَتَحَقَّقُ الرِّبَا إِلاَّ بِإِجْمَاعِ الْوَصْفَيْنِ: الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ (الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ) ، وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ بَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ؛ لأَِنَّهُ لاَ تَتَحَقَّقُ فِيهِ الْعِلَّةُ. إِلاَّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ كَرَاهَةُ بَيْعِ بَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ لِعِلَّةِ الطَّعْمِ.
وَيَحْرُمُ بَيْعُ الْبَيْضِ بِالْبَيْضِ نَسَاءً؛ لأَِنَّ عِلَّةَ رِبَا النِّسَاءِ هِيَ أَحَدُ وَصْفَيْ عِلَّةِ رِبَا الْفَضْل، أَمَّا الْكَيْل أَوِ الْوَزْنُ الْمُتَّفِقُ، أَوِ الْجِنْسُ فَالْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّسَاءِ. وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَفِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ: لاَ يَحْرُمُ النَّسَاءُ فِي بَيْعِ الْبَيْضِ بِالْبَيْضِ.
__________
(1) المجموع 9 / 214، وشرح منتهي الإرادات 2 / 142.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ غَيْرَ ابْنِ شَعْبَانَ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ إِلَى اعْتِبَارِ الْبَيْضِ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ؛ لِعِلَّةِ الاِقْتِيَاتِ وَالاِدِّخَارِ فِي رِبَا الْفَضْل، وَعِلَّةِ الطَّعْمِ فِي رِبَا النَّسَاءِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَعِلَّةِ الطَّعْمِ فِي رِبَا الْفَضْل وَالنَّسَاءِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَالْبَيْضُ يُقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ وَيُطْعَمُ فَيَكُونُ رِبَوِيًّا.
وَعَلَى ذَلِكَ يَحْرُمُ الْفَضْل وَالنَّسَاءُ فِي بَيْعِ الْبَيْضِ بِالْبَيْضِ، فَإِذَا بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ حَالًّا، مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ. وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُبَادَةَ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى (1) فَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْعِلَّةُ جَازَ التَّفَاضُل؛ لأَِنَّ اخْتِلاَفَ الْجِنْسِ لاَ يَحْرُمُ مَعَهُ التَّفَاضُل وَيَحْرُمُ النَّسَاءُ لِوُجُودِ عِلَّةِ الطَّعْمِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ: فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.
__________
(1) حديث: " كان ينهي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة. . . " أخرجه مسلم (3 / 1210 ـ ط الحلبي) .

الصفحة 268