كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ أَكْل لَحْمِ الْجَزُورِ عَلَى كُل حَالٍ، نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا، عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلاً.
وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى. وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى وَأَبُو طَلْحَةَ، وَاخْتَارَهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إِلَى تَرْجِيحِهِ وَاخْتِيَارِهِ، وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: سُئِل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الإِْبِل، فَقَال: تَوَضَّئُوا مِنْهَا، وَسُئِل عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، فَقَال: لاَ يُتَوَضَّأُ مِنْهَا (1) وَبِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِْبِل، وَلاَ تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ. (2)
أَمَّا أَلْبَانُ الإِْبِل، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ رِوَايَتَانِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِشُرْبِهَا:
إِحْدَاهُمَا: يُنْقَضُ الْوُضُوءُ؛ لِمَا رَوَى أُسَيْدُ بْنُ
__________
(1) حديث: " سئل عن لحوم الإبل ولحوم الغنم. . " أخرجه أبو دواد (1 / 128 ـ ط عزت عبيد دعاس) وابن خزيمة (1 / 22 - ط المكتب الإسلامي) . وقال: لم نر خلافا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه
(2) حديث: " توضئوا من لحوم الإبل. . . . " أخرجه ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (1 / 166) وفي إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة، ورجاله ثقات، وخالد بن عمر مجهول الحال
حُضَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِْبِل وَأَلْبَانِهَا. (1)
وَالثَّانِيَةُ: لاَ وُضُوءَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي اللَّحْمِ، وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْل صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ. (2)

ج - سُؤْرُ الْبَدَنَةِ:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِ الْبَدَنَةِ، وَسَائِرِ الإِْبِل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَلاَ كَرَاهَةَ فِي أَسْآرِهَا مَا لَمْ تَكُنْ جَلاَّلَةً. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ سُؤْرَ مَا أُكِل لَحْمُهُ يَجُوزُ شُرْبُهُ وَالْوُضُوءُ بِهِ. (3)

د - الصَّلاَةُ فِي أَعْطَانِ الإِْبِل وَمَرَابِضِ الْبَقَرِ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى كَرَاهَةِ الصَّلاَةِ فِي مَعَاطِنِ الإِْبِل. وَقَدْ أَلْحَقَ الْحَنَفِيَّةُ بِالإِْبِل الْبَقَرَ فِي الْكَرَاهَةِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْبَقَرَ كَالْغَنَمِ فِي
__________
(1) حديث: توضئوا من لحوم الإبل وألبانها رواه أحمد (4 / 352 - ط الميمنية) وابن ماجه (1 / 166 ـ ط الحلبي) وقال البوصيري: إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطأة وتدليسه.
(2) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 47 - 48، وحاشية الدسوقي 1 / 123، وشرح الروض 1 / 55، والمجموع 2 / 57 وما بعدها، والمغني 1 / 187، 190، وكشاف القناع 1 / 130
(3) المغني 1 / 50 وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 17

الصفحة 43