كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)
بَسْمَلَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - الْبَسْمَلَةُ فِي اللُّغَةِ وَالاِصْطِلاَحِ: قَوْل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. يُقَال: بَسْمَل بَسْمَلَةً: إِذَا قَال أَوْ كَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ. وَيُقَال: أَكْثِرْ مِنَ الْبَسْمَلَةِ، أَيْ أَكْثِرْ مِنْ قَوْل: بِسْمِ اللَّهِ. (1) قَال الطَّبَرِيُّ: إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ - أَدَّبَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْلِيمِهِ ذِكْرَ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى أَمَامَ جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَجَعَل ذَلِكَ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ سُنَّةً يَسْتَنُّونَ بِهَا، وَسَبِيلاً يَتَّبِعُونَهُ عَلَيْهَا، فَقَوْل الْقَائِل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إِذَا افْتَتَحَ تَالِيًا سُورَةً، يُنْبِئُ عَنْ أَنَّ مُرَادَهُ أَقْرَأُ بِاسْمِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَْفْعَال. (2)
الْبَسْمَلَةُ جُزْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:
2 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ جُزْءٌ مِنْ آيَةٍ
__________
(1) لسان العرب، المصباح المنير مادة " بسمل "، وتفسير القرطبي 1 / 97.
(2) القرطبي 1 / 91، 97.
فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (1) وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا أَيَّةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَمِنْ كُل سُورَةٍ. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمَا قَال بِهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ هُوَ: إِنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ كُل سُورَةٍ، وَإِنَّهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ، أُنْزِلَتْ لِلْفَصْل بَيْنَ السُّوَرِ، وَذُكِرَتْ فِي أَوَّل الْفَاتِحَةِ.
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَال الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَل (2) فَالْبَدَاءَةُ بِقَوْلِهِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ آيَةً مِنْ أَوَّل الْفَاتِحَةِ. إِذْ لَوْ كَانَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ لَبَدَأَ بِهَا، وَأَيْضًا: لَوْ كَانَتِ الْبَسْمَلَةُ آيَةً مِنْهَا لَمْ تَتَحَقَّقِ الْمُنَاصَفَةُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي النِّصْفِ الأَْوَّل أَرْبَعُ آيَاتٍ إِلاَّ نِصْفًا،
__________
(1) سورة النمل / 30.
(2) حديث: يقول الله تعالى: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي. . . " أخرجه مسلم (1 / 296 ط عيسى البابي الحلبي)
الصفحة 83