كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)
ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَحْجُبُهُ - وَرُبَّمَا قَال لاَ يَحْجِزُهُ - مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ (1) . وَوَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلاَ الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ. فَلَوْ قَصَدَ الدُّعَاءَ أَوِ الثَّنَاءَ أَوِ افْتِتَاحَ أَمْرٍ تَبَرُّكًا، وَلَمْ يَقْصِدِ الْقِرَاءَةَ، فَلاَ بَأْسَ. وَفِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ لِلْمَالِكِيَّةِ: لاَ يَحْرُمُ قِرَاءَةُ آيَةٍ لِلتَّعَوُّذِ أَوِ الرُّقْيَةِ، وَلَوْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ.
كَمَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَمْنَعُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، مَا دَامَتِ الْمَرْأَةُ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ بِقَصْدِ التَّعَلُّمِ أَوِ التَّعْلِيمِ؛ لأَِنَّهَا غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى إِزَالَةِ الْمَانِعِ، أَمَّا إِذَا انْقَطَعَ وَلَمْ تَتَطَهَّرْ، فَلاَ تَحِل لَهَا قِرَاءَتُهُ كَمَا لاَ تَحِل لِلْجُنُبِ.
وَالدَّلِيل عَلَى اسْتِثْنَاءِ التَّسْمِيَةِ مِنَ التَّحْرِيمِ: أَنَّ لَهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ، وَيَحْتَاجُونَ إِلَى التَّسْمِيَةِ عِنْدَ
__________
(1) حديث: " كان لا يحجبه، أو ربما قال: لا يحجزه من القرآن شيء ليس الجنابة " أخرجه أحمد (1 / 84 ط المكتب الإسلامي) وأبو داود (1 / 155 ط عزت عبيد دعاس) وضعفه الزيلعي. انظر نصب الراية (1 / 196)
اغْتِسَالِهِمْ، وَلاَ يُمْكِنُهُمُ التَّحَرُّزُ عَنْهَا؛ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي كُل أَحْيَانِهِ (1) . وَإِنْ قَصَدُوا بِهَا الْقِرَاءَةَ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا لاَ يَجُوزُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِل عَنِ الْجُنُبِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ فَقَال: لاَ وَلَوْ حَرْفًا؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ فِي النَّهْيِ، وَالثَّانِيَةُ: لاَ يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَحْصُل بِهِ الإِْعْجَازُ، وَيَجُوزُ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْآنَ. (2)
(ر: الْجَنَابَة، وَالْحَيْض، وَالْغُسْل، وَالنِّفَاس) .
الْبَسْمَلَةُ فِي الصَّلاَةِ:
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ قِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ، فِي رَكَعَاتِ الصَّلاَةِ، لاِخْتِلاَفِهِمْ فِي أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ كُل سُورَةٍ.
وَحَاصِل مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ يُسَنُّ قِرَاءَةُ الْبَسْمَلَةِ سِرًّا لِلإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فِي أَوَّل الْفَاتِحَةِ مِنْ كُل رَكْعَةٍ، وَلاَ يُسَنُّ قِرَاءَتُهَا بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ
__________
(1) حديث: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه " أخرجه مسلم (1 / 282 ط عيسى البابي الحلبي) .
(2) حاشية ابن عابدين1 / 116، 195، وبدائع الصنائع 1 / 203، وشرح الزرقاني 1 / 104، 105، 138 وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 138، 139، 174، 175، وقليوبي وعميرة 1 / 62، 65، 199، ونهاية المحتاج 1 / 201، 204، 339، والمغني 1 / 141، 144.
الصفحة 86