كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ تَقْسِيمَاتٍ لِلْبَيْعِ بَلَغَتْ تِسْعَةً، تَبَعًا لِمَا تَمَّ عَلَيْهِ التَّبَادُل وَكَيْفِيَّةُ تَحْدِيدِ الثَّمَنِ وَوُجُوبِ الْخِيَارِ، وَالْحُلُول وَالنَّسِيئَةِ فِي كُلٍّ مِنَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ، بِمَا لاَ يَخْرُجُ عَمَّا سَبَقَ (1) .
وَهُنَاكَ تَقْسِيمَاتٌ أُخْرَى فَرْعِيَّةٌ بِحَسَبِ حُضُورِ الْمَبِيعِ وَغَيْبَتِهِ، وَبِحَسَبِ رُؤْيَتِهِ وَعَدَمِهَا، وَبِحَسَبِ بَتِّ الْعَقْدِ أَوِ التَّخْيِيرِ فِيهِ (2) .

17 - أَمَّا التَّقْسِيمُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَأَنْوَاعُهُ كَثِيرَةٌ، فَمِنْ ذَلِكَ الْبَيْعُ الْمُنْعَقِدُ، وَيُقَابِلُهُ الْبَيْعُ الْبَاطِل. وَالْبَيْعُ الصَّحِيحُ وَيُقَابِلُهُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ. وَالْبَيْعُ النَّافِذُ، وَيُقَابِلُهُ الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ. وَالْبَيْعُ اللاَّزِمُ، وَيُقَابِلُهُ الْبَيْعُ غَيْرُ اللاَّزِمِ (وَيُسَمَّى الْجَائِزَ أَوِ الْمُخَيَّرَ) وَتَفْصِيل مَا يَتَّصِل بِهَذِهِ الأَْنْوَاعِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا. وَتُنْظَرُ الْبُيُوعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) .
وَهُنَاكَ بُيُوعٌ مُسَمَّاةٌ بِأَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا كَبَيْعِ النَّجْشِ، وَبَيْعِ الْمُنَابَذَةِ، وَنَحْوِهِمَا. وَتُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا.
وَهُنَاكَ أَنْوَاعٌ أُخْرَى رُوعِيَ فِي تَسْمِيَتِهَا أَحْوَالٌ تَقْتَرِنُ بِالْعَقْدِ، وَتُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ، كَبَيْعِ الْمُكْرَهِ، أَوِ الْهَازِل، وَبَيْعِ التَّلْجِئَةِ، وَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَبَيْعِ الْوَفَاءِ. وَلَهَا مُصْطَلَحَاتُهَا أَيْضًا.
كَمَا أَنَّ (الاِسْتِصْنَاعَ) يُدْرَجُ فِي عِدَادِ الْبُيُوعِ، مَعَ الْخِلاَفِ فِي أَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ إِجَارَةٌ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِهِ.
وَهَذِهِ الْبُيُوعُ الْمُسَمَّاةُ حَظِيَتْ مِنَ الْفُقَهَاءِ.
__________
(1) بداية المجتهد 2 / 108
(2) الحطاب 4 / 226.
بِبَحْثٍ مُسْتَقِلٍّ عَنِ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، لَكِنَّهَا تَأْتِي تَالِيَةً لَهُ.
وَمِنْ هُنَا جَاءَتْ تَسْمِيَةُ (الْبُيُوعِ) ؛ لأَِنَّهَا يَشْمَلُهَا مُطْلَقُ الْبَيْعِ، لَكِنَّهَا لاَ تَدْخُل فِي (الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ) كَمَا سَبَقَ

أَرْكَانُ الْبَيْعِ وَشُرُوطُهُ:
18 - لِلْفُقَهَاءِ خِلاَفٌ مَشْهُورٌ فِي تَحْدِيدِ الأَْرْكَانِ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُقُودِ، هَل هِيَ الصِّيغَةُ (الإِْيجَابُ أَوِ الْقَبُول) أَوْ مَجْمُوعُ الصِّيغَةِ وَالْعَاقِدَيْنِ (الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي) وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَوْ مَحَل الْعَقْدِ (الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ) .
فَالْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) يَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا أَرْكَانُ الْبَيْعِ؛ لأَِنَّ الرُّكْنَ عِنْدَهُمْ: مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّيْءِ وَتَصَوُّرُهُ عَقْلاً، سَوَاءٌ أَكَانَ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَتِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ، وَوُجُودُ الْبَيْعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَؤُلاَءِ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَتِهِ (1) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الرُّكْنَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ: هُوَ الصِّيغَةُ فَقَطْ. أَمَّا الْعَاقِدَانِ وَالْمَحَل فَمِمَّا يَسْتَلْزِمُهُ وُجُودُ الصِّيغَةِ لاَ مِنَ الأَْرْكَانِ؛ لأَِنَّ مَا عَدَا الصِّيغَةَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُهُ (2) .
وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُعَاصِرِينَ تَسْمِيَةَ مَجْمُوعِ الصِّيغَةِ وَالْعَاقِدَيْنِ وَالْمَحَل (مُقَوِّمَاتِ الْعَقْدِ) : لِلاِتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ قِيَامِ الْعَقْدِ بِدُونِهَا (3) .
__________
(1) الشرح الصغير 2 / 3 ط الحلبي، ومغني المحتاج 2 / 5 - 7، وشرح منتهى الإرادات 2 / 140.
(2) الاختيار 2 / 4.
(3) المدخل الفقهي العام 1 / 299 - 300.

الصفحة 10