كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

هَذَا، وَلِكُلٍّ مِنَ الصِّيغَةِ وَالْعَاقِدَيْنِ وَالْمَحَل شُرُوطٌ لاَ يَتَحَقَّقُ الْوُجُودُ الشَّرْعِيُّ لأَِيٍّ مِنْهَا إِلاَّ بِتَوَافُرِهَا، وَتَخْتَلِفُ تِلْكَ الشُّرُوطُ مِنْ حَيْثُ أَثَرُ وُجُودِهَا أَوْ فِقْدَانِهَا.
فَمِنْهَا شُرُوطُ الاِنْعِقَادِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَخَلُّفِ أَحَدِهَا بُطْلاَنُ الْعَقْدِ.
وَمِنْهَا شُرُوطُ الصِّحَّةِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَخَلُّفِ شَيْءٍ مِنْهَا بُطْلاَنُ الْعَقْدِ، أَوْ فَسَادُهُ عَلَى الْخِلاَفِ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَالْحَنَفِيَّةِ.
وَمِنْهَا شُرُوطُ النَّفَاذِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى فَقْدِ أَحَدِهَا اعْتِبَارُ الْعَقْدِ مَوْقُوفًا.
وَمِنْهَا شُرُوطُ اللُّزُومِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَخَلُّفِهَا أَوْ تَخَلُّفِ بَعْضِهَا عَدَمُ لُزُومِ الْعَقْدِ.
وَهَذَا التَّنْوِيعُ لِلشُّرُوطِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ. وَفِي بَعْضِهِ خِلاَفٌ لِغَيْرِهِمْ سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

الصِّيغَةُ وَشُرُوطُهَا:
20 - الصِّيغَةُ - كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَطَّابُ (1) - هِيَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول.
وَيَصْلُحُ لَهُمَا كُل قَوْلٍ يَدُل عَلَى الرِّضَا، مِثْل قَوْل الْبَائِعِ: بِعْتُكَ أَوْ أَعْطَيْتُكَ، أَوْ مَلَّكْتُكَ بِكَذَا. وَقَوْل الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُ أَوْ تَمَلَّكْتُ أَوِ ابْتَعْتُ أَوْ قَبِلْتُ، وَشِبْهِ ذَلِكَ.
وَالإِْيجَابُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: مَا يَصْدُرُ مِنَ الْبَائِعِ دَالًّا عَلَى الرِّضَا، وَالْقَبُول: مَا يُصْدَرُ مِنَ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الإِْيجَابَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَصْدُرُ أَوَّلاً مِنْ كَلاَمِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، سَوَاءٌ
__________
(1) الحطاب 4 / 228.
أَكَانَ هُوَ الْبَائِعَ أَمِ الْمُشْتَرِيَ، وَالْقَبُول مَا يَصْدُرُ بَعْدَهُ (1) . وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ (إِيجَابٌ، وَقَبُولٌ) .
وَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ تَقَدُّمَ لَفْظِ الْمُشْتَرِي عَلَى لَفْظِ الْبَائِعِ جَائِزٌ لِحُصُول الْمَقْصُودِ (2) .
وَلاَ تَخْتَلِفُ شُرُوطُ الصِّيغَةِ فِي الْبَيْعِ عَنِ الصِّيغَةِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ مِمَّا خُلاَصَتُهُ كَوْنُ الصِّيغَةِ بِالْمَاضِي، أَوْ بِمَا يُفِيدُ إِنْشَاءَ الْعَقْدِ فِي الْحَال كَمَا يَأْتِي، وَتَوَافُقُ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول، فَلَوْ خَالَفَ الْقَبُول الإِْيجَابَ لَمْ يَنْعَقِدِ الْبَيْعُ.
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْقَبُول الْمُخَالِفَ لِلإِْيجَابِ يَكُونُ إِيجَابًا جَدِيدًا.
وَيُشْتَرَطُ لِلصِّيغَةِ كَذَلِكَ: اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ، وَهُوَ يَجْمَعُ الْمُتَفَرِّقَاتِ فِيهِ، فَلَوْ تَرَاخَى الْقَبُول عَنِ الإِْيجَابِ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُلْغَ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلاَ بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا. وَيُشْتَرَطُ: عَدَمُ الْهَزْل فِي الإِْيجَابِ أَوِ الْقَبُول.
وَيُشْتَرَطُ لِبَقَاءِ الإِْيجَابِ صَالِحًا: عَدَمُ رُجُوعِ الْمُوجِبِ، وَعَدَمُ وَفَاتِهِ قَبْل الْقَبُول، وَعَدَمُ هَلاَكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
وَيُشْتَرَطُ أَلاَّ يَطْرَأَ قَبْل الْقَبُول تَغْيِيرٌ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُسَمًّى آخَرَ غَيْرَ الْمُتَعَاقَدِ عَلَيْهِ، كَتَحَوُّل الْعَصِيرِ خَلًّا. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ: (عَقْدٌ) (وَصِيغَةٌ) .

وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ التَّطْبِيقَاتِ الْهَامَةِ الْخَاصَّةِ
__________
(1) المجلة مادة (101) ، (102) ، والاختيار 2 / 4.
(2) منح الجليل 2 / 462، وجواهر الإكليل 2 / 2، وقليوبي 2 / 153، وشرح منتهى الإرادات 2 / 140.

الصفحة 11