كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

لَوْ بَاعَ شَخْصٌ السِّلْعَةَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَهَا الْمُشْتَرِي بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَوِ اشْتَرَى شَخْصٌ سِلْعَةً بِأَلْفٍ فَقَبِل الْبَائِعُ بَيْعَهَا بِثَمَانِمِائَةٍ، وَهَذِهِ مُوَافَقَةٌ ضِمْنِيَّةٌ وَلَكِنْ لاَ تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ، إِلاَّ إِنْ قَبِلَهَا الطَّرَفُ الآْخَرُ.
أَمَّا الْحَطُّ مِنَ الثَّمَنِ فَجَائِزٌ وَلَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ (1) .
وَكَذَلِكَ لاَ تَوَافُقَ إِنْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِأَلْفٍ فَقَبِل نِصْفَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ مَثَلاً، إِلاَّ إِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بَعْدَ هَذَا، فَيَصِيرُ الْقَبُول إِيجَابًا، وَرِضَا الْبَائِعِ بَعْدَهُ قَبُولٌ.
وَصَرَّحَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ لَوْ قَال الْبَائِعُ: بِعْتُكَ هَذَا بِأَلْفٍ وَنِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَقَبِل نِصْفَهُ جَازَ، وَمِنْهُ يُعْرَفُ حُكْمُ مَا لَوْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ بِرِضَا الْبَائِعِ بِتَجْزِئَةِ الْمَبِيعِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ (2) .

انْعِقَادُ الْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ (أَوِ التَّعَاطِي)
24 - الْمُعَاطَاةُ هِيَ: إِعْطَاءُ كُلٍّ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ لِصَاحِبِهِ مَا يَقَعُ التَّبَادُل عَلَيْهِ دُونَ إِيجَابٍ وَلاَ قَبُولٍ، أَوْ بِإِيجَابٍ دُونَ قَبُولٍ، أَوْ عَكْسِهِ، وَهِيَ مِنْ قَبِيل الدَّلاَلَةِ الْحَالِيَّةِ، وَيَصِحُّ بِهَا الْبَيْعُ فِي الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ كَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ، خِلاَفًا لِغَيْرِهِمْ (3) .
__________
(1) شرح المجلة للأتاسي 2 / 44، والشرح الصغير 2 / 9 ط الحلبي، وهامش الفروق 3 / 290، والبهجة شرح التحفة 2 / 24، وقليوبي 2 / 154، وشرح منتهى الإرادات 2 / 140.
(2) المراجع السابقة.
(3) شرح المجلة 2 / 36، والدسوقي 3 / 3، ومغني المحتاج 2 / 3، وشرح منتهى الإرادات 2 / 141.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ وَالْخِلاَفُ فِيهِ يُذْكَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَعَاطِي) .

انْعِقَادُ الْبَيْعِ بِالْكِتَابَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ:
25 - يَصِحُّ التَّعَاقُدُ بِالْكِتَابَةِ بَيْنَ حَاضِرَيْنِ أَوْ بِاللَّفْظِ مِنْ حَاضِرٍ وَالْكِتَابَةِ مِنَ الآْخَرِ. وَكَذَلِكَ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ إِذَا أَوْجَبَ الْعَاقِدُ الْبَيْعَ بِالْكِتَابَةِ إِلَى غَائِبٍ بِمِثْل عِبَارَةِ: بِعْتُكَ دَارِي بِكَذَا، أَوْ أَرْسَل بِذَلِكَ رَسُولاً فَقَبِل الْمُشْتَرِي بَعْدَ اطِّلاَعِهِ عَلَى الإِْيجَابِ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ الرَّسُول.
وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ الْفَوْرَ فِي الْقَبُول، وَقَالُوا: يَمْتَدُّ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِلْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ أَوِ الْمُرْسَل إِلَيْهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ قَبُولِهِ، وَلاَ يُعْتَبَرُ لِلْكَاتِبِ مَجْلِسٌ، وَلَوْ بَعْدَ قَبُول الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، بَل يَمْتَدُّ خِيَارُهُ مَا دَامَ خِيَارُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ. كَمَا قَالُوا: لاَ يُشْتَرَطُ إِرْسَال الْكِتَابِ أَوِ الرَّسُول فَوْرًا عَقِبَ الإِْجَابَةِ.
وَلَمْ يَشْتَرِطْ غَيْرُ الشَّافِعِيَّةِ الْفَوْرَ فِي الْقَبُول، بَل صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لاَ يَضُرُّ التَّرَاخِي هُنَا بَيْنَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول؛ لأَِنَّ التَّرَاخِيَ مَعَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لاَ يَدُل عَلَى إِعْرَاضِهِ عَنِ الإِْيجَابِ (1) .

انْعِقَادُ الْبَيْعِ بِالإِْشَارَةِ مِنَ الأَْخْرَسِ وَغَيْرِهِ:
26 - يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالإِْشَارَةِ مِنَ الأَْخْرَسِ إِذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً، وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنَ الإِْشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ حُجَّةٌ.
__________
(1) شرح المجلة 2 / 34، والخرشي 5 / 5، والحطاب 4 / 241، والقليوبي 2 / 154، وكشاف القناع 3 / 148.

الصفحة 13