كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تَنْدَرِجُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ شُرُوطٍ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيل مُحْتَرَزَاتِ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَخَلُّفِ كُلٍّ مِنْهَا فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) وَانْظُرْ أَيْضًا الْبُيُوعُ الْمُلَقَّبَةُ، كُلًّا فِي مَوْضِعِهِ.

الْمَبِيعُ وَأَحْكَامُهُ وَأَحْوَالُهُ
أَوَّلاً: تَعْيِينُ الْمَبِيعِ
33 - لاَ بُدَّ لِمَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي بِالْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْمِقْدَارِ، فَالْجِنْسُ كَالْقَمْحِ مَثَلاً، وَالنَّوْعُ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ إِنْتَاجِ بَلَدٍ مَعْرُوفٍ، وَالْمِقْدَارُ بِالْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا (1) .
وَتَعْيِينُ الْمَبِيعِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَنِ الْمَعْرِفَةِ بِهِ، لأَِنَّهُ يَكُونُ بِتَمْيِيزِهِ عَنْ سِوَاهُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ وَمِقْدَارِهِ، وَهَذَا التَّمْيِيزُ إِمَّا أَنْ يَحْصُل فِي الْعَقْدِ نَفْسِهِ بِالإِْشَارَةِ إِلَيْهِ، وَهُوَ حَاضِرٌ فِي الْمَجْلِسِ، فَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِيَ سِوَاهُ مِنْ جِنْسِهِ إِلاَّ بِرِضَاهُ. وَالإِْشَارَةُ أَبْلَغُ طُرُقِ التَّعْرِيفِ (2) .
وَإِمَّا أَنْ لاَ يُعَيِّنَ الْمَبِيعَ فِي الْعَقْدِ، بِأَنْ كَانَ غَائِبًا مَوْصُوفًا، أَوْ قَدْرًا مِنْ صُبْرَةٍ حَاضِرَةٍ فِي الْمَجْلِسِ، وَحِينَئِذٍ لاَ يَتَعَيَّنُ إِلاَّ بِالتَّسْلِيمِ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَمُقَابِل
__________
(1) شرح المجلة المادة (204) ، ومنح الجليل 2 / 486، والشرح الصغير 2 / 6 ط الحلبي، والقليوبي 2 / 161، وكشاف القناع 3 / 163، والمجموع شرح المهذب 9 / 275 - 276.
(2) شرح المجلة مادة (202) ، والفواكه الدواني 2 / 121، والبهجة شرح التحفة 2 / 24، والقليوبي 2 / 163، وشرح منتهى الإرادات 2 / 146.
الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَفِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ (1) .
وَمِنَ الْمَبِيعِ غَيْرِ الْمُتَعَيَّنِ بَيْعُ حِصَّةٍ عَلَى الشُّيُوعِ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ عَقَارٍ أَوْ مَنْقُولٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشَاعُ قَابِلاً لِلْقِسْمَةِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا، فَإِنَّ الْمَبِيعَ عَلَى الشُّيُوعِ لاَ يَتَعَيَّنُ إِلاَّ بِالْقِسْمَةِ وَالتَّسْلِيمِ (2) .
وَمِمَّا يَتَّصِل بِالتَّعْيِينِ لِلْمَبِيعِ: بَيْعُ شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ عِدَّةِ أَشْيَاءَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ التَّعْيِينِ، أَيْ تَعْيِينِ مَا يَشْتَرِيهِ مِنْهَا، وَيُمْكِنُهُ بِذَلِكَ أَنْ يَخْتَارَ مَا هُوَ أَنْسَبُ لَهُ مِنْهَا. وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَقُول بِخِيَارِ التَّعْيِينِ.
وَفِي جَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْخِيَارِ تَفْصِيلاَتٌ (3) تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (خِيَارُ التَّعْيِينِ) .

ثَانِيًا: وَسِيلَةُ مَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ وَتَعْيِينِهِ
34 - إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ وَلَمْ تَتِمَّ مَعْرِفَةُ الْمَبِيعِ بِرُؤْيَتِهِ أَوِ الإِْشَارَةِ إِلَيْهِ عَلَى مَا سَبَقَ، فَإِنَّهَا تَتِمُّ بِالْوَصْفِ الَّذِي يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ، مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِهِ. وَإِذَا كَانَ عَقَارًا كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ بَيَانِ حُدُودِهِ، لاِخْتِلاَفِ قِيمَةِ الْعَقَارِ
__________
(1) شرح المجلة مادة (201) ، وجواهر الإكليل 2 / 7 - 9، وكشاف القناع 3 / 163 - 168، والمغني 4 / 143، ومغني المحتاج 2 / 16 - 18.
(2) شرح المجلة مادة (220) ، وأسهل المدارك 2 / 281، وخبايا الزوايا مسألة 180 ص 199، ومغني المحتاج 2 / 16، والقليوبي 2 / 161، وكشاف القناع 3 / 170.
(3) الهداية 3 / 30 - 31، وجواهر الإكليل 2 / 39، وكشاف القناع 3 / 205.

الصفحة 16