كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

مَوْضُوعًا عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ، كَبَيْعِ الدَّارِ تَدْخُل فِيهِ الأَْبْوَابُ وَالأَْحْوَاضُ.
د - مَا جَرَى الْعُرْفُ بِبَيْعِهِ مَعَ الْمَبِيعِ تَابِعًا لَهُ. كَالْخِطَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعِيرِ (1) .
فَالأَْصْل أَنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ كُلُّهَا تَرْجِعُ إِلَى الْعُرْفِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ، فَمَا جَرَى الْعُرْفُ فِي بَلَدٍ بِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا دَخَل فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ هَذَا الْعُرْفُ فِي بَلَدٍ آخَرَ (2) .
وَلِذَلِكَ يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الذَّخِيرَةِ فِي بَيْعِ الدَّارِ: الأَْصْل أَنَّ مَا لاَ يَكُونُ مِنْ بِنَاءِ الدَّارِ وَلاَ مُتَّصِلاً بِهَا، لاَ يَدْخُل إِلاَّ إِذَا جَرَى الْعُرْفُ أَنَّ الْبَائِعَ لاَ يَمْنَعُهُ عَنِ الْمُشْتَرِي، فَالْمِفْتَاحُ يَدْخُل اسْتِحْسَانًا لاَ قِيَاسًا لِعَدَمِ اتِّصَالِهِ، وَقُلْنَا بِدُخُولِهِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ. ثُمَّ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ شِرْبَ الدَّارِ يَدْخُل فِي دِيَارِنَا (دِمَشْقَ) لِلتَّعَارُفِ، بَل هُوَ أَوْلَى مِنْ دُخُول السَّلَمِ الْمُنْفَصِل فِي عُرْفِ مِصْرَ الْقَاهِرَةِ؛ لأَِنَّ الدَّارَ فِي دِمَشْقَ إِذَا كَانَ لَهَا مَاءٌ جَارٍ وَانْقَطَعَ عَنْهَا أَصْلاً لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا، وَأَيْضًا إِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّ شِرْبَهَا بِعَقْدِ الْبَيْعِ لاَ يَرْضَى بِشِرَائِهَا إِلاَّ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِلدَّارِ الَّتِي يَدْخُل فِيهَا شِرْبُهَا (3) .
وَيَقُول الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَاعِدَةِ: مَا يَتْبَعُ الْعَقْدَ عُرْفًا، وَقَاعِدَةِ: مَا لاَ يَتْبَعُهُ - بَعْدَ أَنْ سَرَدَ
__________
(1) شرح المجلة المواد 219 - 230 و 236، وحاشية ابن عابدين 4 / 33 - 34، ورسالته نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف (مجموعة رسائل ابن عابدين) .
(2) الفروق 3 / 283، ومغني المحتاج 2 / 80 - 86، والمهذب 1 / 285، وشرح منتهى الإرادات 2 / 206 - 209.
(3) ابن عابدين 4 / 34.
الأَْبْوَابَ فِي ذَلِكَ - قَال: وَهَذِهِ الأَْبْوَابُ الَّتِي سَرَدْتُهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَوَائِدِ، غَيْرُ مَسْأَلَةِ الثِّمَارِ الْمُؤَبَّرَةِ بِسَبَبِ أَنَّ مُدْرَكَهَا النَّصُّ وَالْقِيَاسُ، وَمَا عَدَاهَا مُدْرَكُهُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ، فَإِذَا تَغَيَّرَتِ الْعَادَةُ أَوْ بَطَلَتْ بَطَلَتْ هَذِهِ الْفَتَاوَى، وَحَرُمَتِ الْفَتْوَى بِهَا لِعَدَمِ مُدْرَكِهَا فَتَأَمَّل ذَلِكَ، بَل تَتْبَعُ الْفَتْوَى هَذِهِ الْعَوَائِدَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَتْ، كَمَا تَتْبَعُ النُّقُودُ فِي كُل عَصْرٍ وَحِينٍ، وَكُل مَا صَرَّحَ بِهِ فِي النُّقُودِ وَاقْتَضَتْهُ اللُّغَةُ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لاَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْعَوَائِدِ، وَلاَ يُقَال: إِنَّ الْعُرْفَ اقْتَضَاهُ (1) .
وَمَعْنَى شُمُول الْمَبِيعِ لِتِلْكَ الأَْشْيَاءِ أَنَّهَا تَدْخُل مَعَهُ بِالثَّمَنِ نَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهَا حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ؛ لأَِنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُل مَا يَدْخُل فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا لاَ حِصَّةَ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ (2) .
وَيُعْتَبَرُ مِثْل ذَلِكَ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - مَا كَانَ وَصْفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبِيعِ، فَإِذَا تَلِفَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْل الْقَبْضِ، لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي إِسْقَاطُ شَيْءٍ فِي مُقَابِلِهِ مِنَ الثَّمَنِ، بَل يَتَخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْعَقْدِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيل خِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ، وَذَلِكَ بِخِلاَفِ مَا لَوْ هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِ الْمَبِيعِ (لاَ مِنْ تَوَابِعِهِ) فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْ إِسْقَاطِ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الثَّمَنِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: إِنْ قَال بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ دَخَل فِيهَا مَا اتَّصَل بِهَا مِنَ الرُّفُوفِ الْمُسَمَّرَةِ وَالْخَوَابِي وَالأَْجَاجِينِ الْمَدْفُونَةِ فِيهَا، وَكُل مَا اتَّصَل بِهَا اتِّصَال اسْتِقْرَارٍ لِمَصْلَحَتِهَا.
__________
(1) الفروق للقرافي 3 / 288، الفرق (199) .
(2) شرح المجلة مادة: (234)

الصفحة 18