كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

وَلاَ يَدْخُل الْمُنْفَصِل عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَأَحَدُ وَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَيَدْخُل حَجَرُ الرَّحَى السُّفْلاَنِيُّ إِنْ كَانَ مُتَّصِلاً، وَلاَ يَدْخُل الْحَجَرُ الْفَوْقَانِيُّ، وَلاَ مِثْل دَلْوٍ وَحَبْلٍ وَبَكْرَةٍ وَمِفْتَاحٍ (1) .

الاِسْتِثْنَاءُ مِنَ الْمَبِيعِ:
36 - يَنْبَنِي حُكْمُ الاِسْتِثْنَاءِ مِنَ الْمَبِيعِ عَلَى نَصٍّ وَضَابِطٍ مَبْنِيٍّ عَلَيْهِ، مَعَ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ مَا يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَسَائِل، وَاخْتِلاَفُهُمْ فِي بَعْضِهَا الآْخَرِ بِسَبَبِ اخْتِلاَفِهِمْ فِي التَّوْجِيهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أَمَّا النَّصُّ فَهُوَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الثُّنْيَا إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ (2) .
وَأَمَّا الضَّابِطُ فَهُوَ أَنَّ كُل مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَمَا لاَ يَجُوزُ إِيقَاعُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ لاَ يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ.
وَلاَ بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا، لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ مَجْهُولاً عَادَ عَلَى الْبَاقِي بِالْجَهَالَةِ، فَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ.
وَعَلَى ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْحَمْل مِنْ بَيْعِ الدَّابَّةِ، لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ، فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلاَّ فِيمَا نُقِل عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ بِصِحَّةِ اسْتِثْنَائِهِ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، لِمَا رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ بَاعَ جَارِيَةً وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَلأَِنَّهُ
__________
(1) المهذب 1 / 285، والمجموع 11 / 268، وكشاف القناع 3 / 275.
(2) حديث " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثنيا إلا أن تعلم ". أخرجه مسلم (3 / 1175 ط الحلبي) .
يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْعِتْقِ، فَصَحَّ فِي الْبَيْعِ قِيَاسًا عَلَيْهِ.
وَهَكَذَا كُل مَجْهُولٍ لاَ يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، كَاسْتِثْنَاءِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعٍ.
وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَائِطِ وَاسْتِثْنَاءُ شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لأَِنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَجْهُول مِنَ الْمَعْلُومِ يُصَيِّرُهُ مَجْهُولاً، فَإِنْ عَيَّنَ الْمُسْتَثْنَى صَحَّ الْبَيْعُ وَالاِسْتِثْنَاءُ. وَهَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَيَجُوزُ عِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ اسْتِثْنَاءُ نَخَلاَتٍ أَوْ شَجَرَاتٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِأَعْيَانِهَا، عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا، إِذَا كَانَ ثَمَرُهَا قَدْرَ الثُّلُثِ أَوْ أَقَل، وَكَانَتْ ثِمَارُ الْحَائِطِ لَوْنًا وَاحِدًا، لِخِفَّةِ الْغَرَرِ فِي ذَلِكَ.
وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرَةٍ وَاسْتِثْنَاءُ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ مِنْهَا، لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثُّنْيَا، وَلأَِنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الاِسْتِثْنَاءِ مَجْهُولٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالشَّافِعِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ غَيْرَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَقَوْل الطَّحَاوِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَيَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ إِذَا كَانَ قَدْرَ ثُلُثٍ فَأَقَل، وَالْجَوَازُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ سِيرِينَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ اسْتَثْنَى مَعْلُومًا.
وَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ جُزْءٍ مُشَاعٍ كَرُبُعٍ وَثُلُثٍ، لأَِنَّهُ لاَ يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَةِ الْمُسْتَثْنَى وَلاَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَصَحَّ كَمَا لَوِ اشْتَرَى شَجَرَةً بِعَيْنِهَا.
وَقَال أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَجُوزُ.
وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بَيْعُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول

الصفحة 19