كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

الْخِبْرَةِ) ، أَمَّا الثَّمَنُ فَهُوَ كُل مَا يَتَرَاضَى عَلَيْهِ الْمُتَعَاقِدَانِ، سَوَاءٌ أَكَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ، أَمْ أَقَل مِنْهَا، أَمْ مِثْلَهَا (1) .
فَالْقِيمَةُ هِيَ الثَّمَنُ الْحَقِيقِيُّ لِلشَّيْءِ. أَمَّا الثَّمَنُ الْمُتَرَاضَى عَلَيْهِ فَهُوَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى.
وَالسِّعْرُ هُوَ: الثَّمَنُ الْمُقَدَّرُ لِلسِّلْعَةِ.
وَالتَّسْعِيرُ: تَحْدِيدُ أَسْعَارِ بَيْعِ السِّلَعِ. وَقَدْ يَكُونُ التَّسْعِيرُ مِنَ السُّلْطَانِ، ثُمَّ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الْبَيْعِ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا أَوْ أَقَل مِنْهَا (2) .
حُكْمُ التَّسْعِيرِ:
49 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّسْعِيرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ ذَلِكَ، إِذَا كَانَ الْبَاعَةُ يَتَعَدَّوْنَ الْقِيمَةَ، وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ صِيَانَةِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ بِالتَّسْعِيرِ بِمَشُورَةِ أَهْل الرَّأْيِ وَالْبَصَرِ، وَذَلِكَ لِفِعْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ مَرَّ بِحَاطِبٍ فِي السُّوقِ فَقَال لَهُ: إِمَّا أَنْ تَرْفَعَ السِّعْرَ وَإِمَّا أَنْ تَدْخُل بَيْتَكَ فَتَبِيعَ كَيْفَ شِئْتَ (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ، وَكَرَاهَةِ الشِّرَاءِ بِهِ، وَحُرْمَةِ الْبَيْعِ
__________
(1) المجلة مادة (153) ، وحاشية ابن عابدين 4 / 51 و 166، وجواهر الإكليل 2 / 21.
(2) المجلة مادة (154) .
(3) " أثر عمر رضي الله تعالى عنه. . . " أخرجه مالك في الموطأ، وقال عنه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: إسناده صحيح (جامع الأصول 1 / 594 ط الملاح) .
وَبُطْلاَنِهِ إِذَا كَانَ بِالإِْكْرَاهِ (1) . وَذَلِكَ لِحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لأََرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَسْعِيرٌ)

ثَانِيًا: مَا يَصْلُحُ ثَمَنًا وَمَا لاَ يَصْلُحُ:
50 - كُل مَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا، وَالْعَكْسُ صَحِيحٌ أَيْضًا، هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنَ اتِّجَاهِ الْجُمْهُورِ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ عَكْسَ، فَمَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا قَدْ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا (3) .
وَالثَّمَنُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَذَلِكَ كَالنُّقُودِ وَالْمِثْلِيَّاتِ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَذْرُوعٍ أَوْ عَدَدِيٍّ مُتَقَارَبٍ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الأَْعْيَانِ الْقِيَمِيَّةِ كَمَا فِي بَيْعِ السَّلَمِ، إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَال عَيْنًا مِنَ الْقِيَمِيَّاتِ، وَكَمَا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ.
وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ أَثْمَانٌ بِالْخِلْقَةِ، سَوَاءٌ كَانَا مَضْرُوبَيْنِ نُقُودًا أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ. وَكَذَلِكَ
__________
(1) المغني 3 / 164 ط القاهرة، والفتاوى الهندية 3 / 314، وشرح منتهى الإرادات 2 / 159، والكافي لابن عبد البر 2 / 730.
(2) حديث: " إن الله هو المسعر. . " أخرجه الترمذي وأبو داود عن أنس رضي الله تعالى عنه. وقال عنه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان. (جامع الأصول 1 / 595 بتحقيق الأرناؤوط) .
(3) حاشية ابن عابدين 4 / 165، وشرح المجلة المواد (152، 211) للأتاسي (2 / 105) وللمحاسني (1 / 193) ، والفتاوى الهندية 3 / 122، والبهجة شرح التحفة 2 / 86، وشرح منتهى الإرادات 2 / 142، وجواهر الإكليل 1 / 305 و 2 / 5.

الصفحة 27