كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

قَوْلِهِنَّ، قَال لَهُنَّ: انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ وَلاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالْكَلاَمِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلاَّ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل، وَمَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكَانَ يَقُول لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ قَدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلاَمًا. (1) (أَيْ دُونَ مُصَافَحَةٍ) .
وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا قَدِمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ جَمَعَ نِسَاءَ الأَْنْصَارِ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ أَرْسَل إِلَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَسَلَّمَ، فَرَدَدْنَ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقَال: أَنَا رَسُول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُنَّ: أَنْ لاَ تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا فَقُلْنَ: نَعَمْ. فَمَدَّ يَدَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَيْتِ وَمَدَدْنَا أَيْدِيَنَا مِنْ دَاخِل الْبَيْتِ ثُمَّ قَال: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. (2)
وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا بَايَعَ النِّسَاءَ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَغَمَسَ يَدَهُ فِيهِ، ثُمَّ أَمَرَ النِّسَاءَ فَغَمَسْنَ أَيْدِيَهُنَّ فِيهِ. (3)
__________
(1) حديث عائشة: " انطلقن فقد بايعتكن ". أخرجه مسلم (3 / 1489 ط الحلبي) .
(2) حديث أم عطية أخرجه ابن سعد في طبقاته (8 / 7 ط دار بيروت) ، وأخرجه أبو داود (1 / 677 ط عزت عبيد دعاس) مختصرا.
(3) لجامع لأحكام القررآن للقرطبي 18 / 70 - 71، والسيرة النبوية لابن هشام ص 431 من الجزء 2. وحديث عمرو بن شعيب " كان إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء. . . ". أخرجه ابن سعد وابن مردويه كما في الدر المنثور للسيوطي (8 / 143 - ط دار الفكر) .
فَبَيْعَةُ رِجَال الْمُسْلِمِينَ لِلرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بِالْمُصَافَحَةِ مَعَ الْكَلاَمِ. أَمَّا بَيْعَةُ نِسَائِهِمْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ بِالْكَلاَمِ مِنْ غَيْرِ مُصَافَحَةٍ. قَال النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، إِنَّ بَيْعَةَ النِّسَاءِ بِالْكَلاَمِ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ كَفٍّ، وَبَيْعَةَ الرِّجَال بِأَخْذِ الْكَفِّ مَعَ الْكَلاَمِ. (1)
وَحِينَ تَخَوَّفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الاِخْتِلاَفَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَال لأَِبِي بَكْرٍ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَهَا، فَبَايَعَهُ، ثُمَّ بَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَهُ الأَْنْصَارُ. (2)
الْفَرْقُ بَيْنَ مُبَايَعَةِ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ مُبَايَعَةِ غَيْرِهِ مِنَ الأَْئِمَّةِ:
8 - إِنَّ مَوْضُوعَ بَيْعَةِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْتِزَامِ الْمُبَايِعِينَ وَتَعَهُّدِهِمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَخَاصَّةً الاِلْتِزَامُ بِمَا بَايَعُوا عَلَيْهِ، أَمَّا تَعْيِينُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلإِْمَامَةِ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِالْوَحْيِ. وَأَمَّا بَيْعَةُ غَيْرِهِ فَهِيَ الْتِزَامٌ مِنْ كُلٍّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، فَهِيَ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ الْتِزَامٌ لِلإِْمَامِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ
__________
(1) حاشية قليوبي على منهاج الطالبين 4 / 272، والأحكام السلطانية لأبي يعلى 9 ط مصطفى الحلبي، وقواعد الفقه للمجددي البركتي الرسالة الرابعة 612.
(2) السيرة النبوية لابن هشام ص 660 من الجزء الرابع.

الصفحة 277