كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)
عَدَدُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِمُبَايَعَتِهِمُ الإِْمَامَةُ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْمَامَةَ تَنْعَقِدُ بِإِجْمَاعِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ عَلَى الْمُبَايَعَةِ، وَبِمُبَايَعَةِ جُمْهُورِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ مِنْ كُل بَلَدٍ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهَا لاَ تَنْعَقِدُ بِأَقَل مِنْ ذَلِكَ، لِيَتِمَّ الرِّضَا بِهِ وَالتَّسْلِيمُ لإِِمَامَتِهِ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: مَنْ بَايَعَ رَجُلاً مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يُبَايَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ. (1)
قَال أَبُو يَعْلَى: أَمَّا انْعِقَادُ الإِْمَامَةِ بِاخْتِيَارِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ فَلاَ تَنْعَقِدُ إِلاَّ بِجُمْهُورِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ، قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: الإِْمَامُ الَّذِي يَجْتَمِعُ قَوْل أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ عَلَيْهِ، كُلُّهُمْ يَقُول هَذَا إِمَامٌ. قَال أَبُو يُعْلَى: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِجَمَاعَتِهِمْ.
وَقِيل: تَنْعَقِدُ بِأَقَل مِنْ ذَلِكَ.
وَمِمَّنْ قَال بِعَدَمِ انْعِقَادِهَا إِلاَّ بِجُمْهُورِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَال الْمُعْتَزِلَةُ بِانْعِقَادِهَا بِخَمْسَةٍ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ بِانْعِقَادِهَا بِالأَْرْبَعَةِ وَالثَّلاَثَةِ وَالاِثْنَيْنِ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ بِانْعِقَادِهَا بِوَاحِدٍ، (2) وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيل مُصْطَلَحَ (إِمَامَةٌ كُبْرَى) .
__________
(1) أثر عمر بن الخطاب " من بايع رجلا من غير مشورة. . . " أخرجه البخاري مطولا (فتح الباري 12 / 145 ط السلفية) .
(2) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 7، وللماوردي 6 - 7، وحاشية الدسوقي 4 / 298، والشرح الكبير 4 / 298، ومطالب أولي النهى 6 / 263، وابن عابدين 3 / 310، ومنهاج الطالبين وحاشية قليوبي عليه 4 / 173.
كَيْفِيَّةُ الْبَيْعَةِ:
12 - كَيْفِيَّتُهَا أَنْ يَقُول كُلٌّ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ الْمُبَايِعِينَ لِمَنْ يُبَايِعُونَهُ بِالْخِلاَفَةِ: قَدْ بَايَعْنَاكَ عَلَى إِقَامَةِ الْعَدْل وَالإِْنْصَافِ وَالْقِيَامِ بِفُرُوضِ الإِْمَامَةِ. وَلاَ يَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى صَفْقَةِ الْيَدِ، وَقَدْ كَانَتِ الْبَيْعَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ بِالْمُصَافَحَةِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْحَجَّاجُ رَتَّبَهَا أَيْمَانًا تَشْتَمِل عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ وَالطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ وَصَدَقَةِ الْمَال. وَزَادَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إِعْلاَمِ الْمُوَقِّعِينَ: وَبَيْعَةُ النِّسَاءِ بِالْكَلاَمِ وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ لاَ يَمْلِكُ عِصْمَتَهَا. (1)
وَفِي مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ تَخَوَّفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الاِخْتِلاَفَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، قَال لأَِبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ، ثُمَّ بَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَهُ الأَْنْصَارُ.
وَحَدِيثُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي بَيْعَةِ النِّسَاءِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ كَلاَمًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضْرِبَ يَدَهُ عَلَى أَيْدِيهِنَّ كَمَا كَانَ يُبَايِعُ الرِّجَال.
__________
(1) مطالب أولي النهى 6 / 266، والأحكام السلطانية لأبي يعلى 9.
الصفحة 279