كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ، لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ هَالِكًا قُوبِلَتِ الزِّيَادَةُ بِمَعْدُومٍ، وَإِذَا كَانَ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ - وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ - قُوبِلَتِ الزِّيَادَةُ بِمَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ.
وَلاَ فَرْقَ فِيمَا لَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بَعْدَ التَّقَابُضِ أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ.
وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ أَنَّهَا تَعْدِيلٌ لِلْعَقْدِ السَّابِقِ وَلَيْسَتْ هِبَةً، وَلِذَا لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الْقَبْضِ الْمَشْرُوطِ لِتَمَامِ الْهِبَةِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ. هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ بِانْقِضَاءِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ لاَ تُلْحَقُ، بَل هِيَ فِي حُكْمِ الْهِبَةِ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ (1) .

ثَانِيًا: الْحَطُّ مِنَ الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ
55 - يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي الْحَطُّ مِنَ الْمَبِيعِ، وَيَجُوزُ لِلْبَائِعِ الْحَطُّ مِنَ الثَّمَنِ، إِذَا قَبِل الطَّرَفُ الآْخَرُ فِي مَجْلِسِ الْحَطِّ، وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْحَطُّ بَعْدَ التَّقَابُضِ أَوْ قَبْلَهُ، فَلَوْ حَطَّ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 167، وتهذيب الفروق 3 / 290، والشرح الصغير 2 / 78، وحاشية الدسوقي 3 / 165، ومنح الجليل 3 / 615، والمجموع 9 / 370، والمهذب 1 / 296، وهامش شرح الروض 2 / 64، ونهاية المحتاج 4 / 44، والإفصاح 1 / 347، وشرح منتهى الإرادات 2 / 151 و 446.
بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ لِلآْخَرِ حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ لِلْمَحْطُوطِ.
وَلاَ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ حَطِّ الْبَائِعِ مِنَ الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ قَائِمًا؛ لأَِنَّ الْحَطَّ إِسْقَاطٌ، وَلاَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ.
أَمَّا فِي حَطِّ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْمَبِيعِ عَنِ الْبَائِعِ، فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ دَيْنًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ لِيَقْبَل الْحَطَّ. أَمَّا لَوْ كَانَ عَيْنًا مُعَيَّنَةً فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ الْحَطُّ مِنَ الْمَبِيعِ حِينَئِذٍ؛ لأَِنَّ الأَْعْيَانَ لاَ تَقْبَل الإِْسْقَاطَ (1) (ر: إِبْرَاءٌ، وَإِسْقَاطٌ) .

ثَالِثًا: آثَارُ الزِّيَادَةِ أَوِ الْحَطِّ.
56 - مِنَ الْمُقَرَّرِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ وَالْحَطَّ يَلْتَحِقَانِ بِأَصْل الْعَقْدِ السَّابِقِ بِطَرِيقِ الاِسْتِنَادِ، مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ. بِمَعْنَى أَنَّهُ تَثْبُتُ لِلزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ، كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُقَسَّمًا عَلَى الأَْصْل وَالزِّيَادَةِ، وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ.
وَمِنْ آثَارِ ذَلِكَ:
أ - إِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْل الْقَبْضِ وَبَقِيَتِ الزِّيَادَةُ، أَوْ هَلَكَتِ الزِّيَادَةُ وَبَقِيَ الْمَبِيعُ، سَقَطَتْ حِصَّةُ الْهَالِكِ مِنَ الثَّمَنِ. وَهَذَا بِخِلاَفِ الزِّيَادَةِ النَّاشِئَةِ مِنَ الْمَبِيعِ نَفْسِهِ.
__________
(1) شرح المجلة (المادة 256) ، والصاوي على الشرح الصغير 2 / 79، ومنح الجليل 3 / 425 - 426، وشرح منتهى الإرادات 2 / 183، والمغني 5 / 658 - 659 و 4 / 542 - 543، ومغني المحتاج 2 / 65 - 66.

الصفحة 30