كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ) .
ج - إِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَلَمْ يَقْبِضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، حَتَّى لَوْ مَاتَ الْبَائِعُ مُفْلِسًا، فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ التَّقَدُّمِ فِي الْمَبِيعِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. وَيَكُونُ الْمَبِيعُ فِي هَذِهِ الْحَال أَمَانَةً فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَلاَ يَدْخُل فِي التَّرِكَةِ (1) .
د - لاَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ بَقَاءِ الْبَائِعِ مُحْتَفِظًا بِمِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إِلَى حِينِ أَدَاءِ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّل، أَوْ إِلَى أَجَلٍ آخَرَ مُعَيَّنٍ.
هَذَا، وَلاَ يَمْنَعُ مِنَ انْتِقَال الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ كَوْنُهُمَا دُيُونًا ثَابِتَةً فِي الذِّمَّةِ إِذَا لَمْ يَكُونَا مِنَ الأَْعْيَانِ؛ لأَِنَّ الدُّيُونَ تُمْلَكُ فِي الذِّمَمِ وَلَوْ لَمْ تَتَعَيَّنْ، فَإِنَّ التَّعْيِينَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَنْ أَصْل الْمِلْكِ، فَقَدْ يَحْصُل مُقَارِنًا لَهُ، وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ إِلَى أَنْ يَتِمَّ التَّسْلِيمُ (2) كَمَا لَوِ اشْتَرَى مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ كَمِّيَّةٍ مُعِينَةٍ مِنَ الأُْرْزِ، فَإِنَّ حِصَّتَهُ مِنْ تِلْكَ الْكَمِّيَّةِ لاَ تَتَعَيَّنُ إِلاَّ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَكَذَلِكَ الثَّمَنُ إِذَا كَانَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ.

ثَانِيًا: أَدَاءُ الثَّمَنِ الْحَال:
61 - الأَْصْل فِي الثَّمَنِ الْحُلُول، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الثَّمَنُ أَبَدًا حَالٌّ، إِلاَّ أَنْ يَذْكُرَ الْمُتَبَايِعَانِ لَهُ أَجَلاً فَيَكُونُ إِلَى أَجَلِهِ (3) .
__________
(1) شرح المجلة المادة (297) .
(2) شرح المجلة المادة (201) .
(3) الكافي لابن عبد البر 2 / 726، والبهجة شرح التحفة 2 / 88.
وَنَقَل الأَْتَاسِيُّ فِي شَرْحِ الْمَجَلَّةِ عَنِ السِّرَاجِ فِي تَعْلِيل ذَلِكَ قَوْلَهُ: لأَِنَّ الْحُلُول مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمُوجِبُهُ.
وَفِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ يَنْعَقِدُ مُعَجَّلاً. ثُمَّ اسْتَثْنَتِ الْمَجَلَّةُ مَا لَوْ جَرَى الْعُرْفُ فِي مَحَلٍّ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ مُؤَجَّلاً أَوْ مُقَسَّطًا (1) . كَمَا صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ النَّقْدُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ، لاَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَلاَ فِي زَمَنِ عُهْدَةِ الثَّلاَثِ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيل، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ نَقْدُ الثَّمَنِ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى اللُّزُومِ، وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا (2) .
وَقَدْ تَبَيَّنَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الثَّمَنَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَجَّلاً، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلاً. وَالثَّمَنُ الْمُؤَجَّل إِمَّا أَنْ يَكُونَ إِلَى مَوْعِدٍ مُعَيَّنٍ لِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُنَجَّمًا (مُقَسَّطًا) عَلَى مَوَاعِيدَ مَعْلُومَةٍ (3) .
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى: فَإِنَّ الثَّمَنَ إِمَّا عَيْنٌ مُعَيَّنَةٌ، وَإِمَّا دَيْنٌ مُلْتَزَمٌ فِي الذِّمَّةِ.
فَفِي الثَّمَنِ: إِذَا كَانَ دَيْنًا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي أَدَائِهِ بِحَسَبِ كَوْنِهِ مُعَجَّلاً أَوْ مُؤَجَّلاً أَوْ مُنَجَّمًا، فَإِذَا كَانَ مُؤَجَّلاً أَوْ مُنَجَّمًا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الأَْجَل مَعْلُومًا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي بَحْثِ (أَجَل) .
__________
(1) المادة (250) من المجلة وشرحها للأتاسي 2 / 170.
(2) جواهر الإكليل 2 / 10.
(3) شرح المجلة المادة (245) .

الصفحة 37