كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

البَيْعٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - الْبَيْعُ لُغَةً مَصْدَرُ بَاعَ، وَهُوَ: مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، أَوْ دَفْعُ عِوَضٍ وَأَخْذُ مَا عُوِّضَ عَنْهُ.
وَالْبَيْعُ مِنَ الأَْضْدَادِ - كَالشِّرَاءِ - قَدْ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا وَيُرَادُ بِهِ الآْخَرُ، وَيُسَمَّى كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ: بَائِعًا، أَوْ بَيِّعًا. لَكِنْ إِذَا أُطْلِقَ الْبَائِعُ فَالْمُتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ فِي الْعُرْفِ أَنْ يُرَادَ بِهِ بَاذِل السِّلْعَةِ، وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ لُغَةَ قُرَيْشٍ اسْتِعْمَال (بَاعَ) إِذَا أَخْرَجَ الشَّيْءَ مِنْ مِلْكِهِ (وَاشْتَرَى) إِذَا أَدْخَلَهُ فِي مِلْكِهِ، وَهُوَ أَفْصَحُ، وَعَلَى ذَلِكَ اصْطَلَحَ الْعُلَمَاءُ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ.
وَيَتَعَدَّى الْفِعْل (بَاعَ) بِنَفْسِهِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ فَيُقَال: بِعْتُ فُلاَنًا السِّلْعَةَ، وَيَكْثُرُ الاِقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَتَقُول: بِعْتُ الدَّارَ، وَقَدْ يُزَادُ مَعَ الْفِعْل لِلتَّوْكِيدِ حَرْفٌ، مِثْل: (مِنْ) أَوِ (اللاَّمِ) فَيُقَال: بِعْتُ مِنْ فُلاَنٍ، أَوْ لِفُلاَنٍ.
أَمَّا قَوْلُهُمْ: بَاعَ عَلَى فُلاَنٍ كَذَا، فَهُوَ فِيمَا بِيعَ مِنْ مَالِهِ بِدُونِ رِضَاهُ (1) .
أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَلِلْبَيْعِ تَعْرِيفَانِ:
__________
(1) المصباح، والمغرب، واللسان مادة " بيع "، والحطاب 4 / 222.
أَحَدُهُمَا: لِلْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ (وَهُوَ مُطْلَقُ الْبَيْعِ) وَالآْخَرُ: لِلْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الأَْخَصِّ (وَهُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ) .
فَالْحَنَفِيَّةُ عَرَّفُوا الْبَيْعَ بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ بِمِثْل تَعْرِيفِهِ لُغَةً بِقَيْدِ (التَّرَاضِي) . لَكِنْ قَال ابْنُ الْهُمَامِ: إِنَّ التَّرَاضِيَ لاَ بُدَّ مِنْهُ لُغَةً أَيْضًا، فَإِنَّهُ لاَ يُفْهَمُ مِنْ (بَاعَ زَيْدٌ ثَوْبَهُ) إِلاَّ أَنَّهُ اسْتَبْدَل بِهِ بِالتَّرَاضِي، وَأَنَّ الأَْخْذَ غَصْبًا وَإِعْطَاءَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ لاَ يَقُول فِيهِ أَهْل اللُّغَةِ بَاعَهُ (1) وَاخْتَارَ صَاحِبُ الدُّرَرِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ التَّقْيِيدَ بِ (الاِكْتِسَابِ) بَدَل (التَّرَاضِي) احْتِرَازًا مِنْ مُقَابَلَةِ الْهِبَةِ بِالْهِبَةِ؛ لأَِنَّهَا مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، لَكِنْ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ لاَ بِقَصْدِ الاِكْتِسَابِ (2) .
وَعَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلاَ مُتْعَةِ لَذَّةٍ، وَذَلِكَ لِلاِحْتِزَازِ عَنْ مِثْل الإِْجَارَةِ وَالنِّكَاحِ، وَلِيَشْمَل هِبَةَ الثَّوَابِ (3) وَالصَّرْفَ وَالسَّلَمَ (4) .
وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.
وَأَوْرَدَ الْقَلْيُوبِيُّ تَعْرِيفًا قَال إِنَّهُ أَوْلَى، وَنَصُّهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ تُفِيدُ مِلْكَ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ لاَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ. ثُمَّ قَال: وَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ نَحْوُ الْهَدِيَّةِ، وَبِالْمَالِيَّةِ نَحْوُ النِّكَاحِ، وَبِإِفَادَةِ مِلْكِ الْعَيْنِ الإِْجَارَةُ، وَبِالتَّأْبِيدِ الإِْجَارَةُ أَيْضًا، وَبِغَيْرِ وَجْهِ الْقُرْبَةِ الْقَرْضُ.
__________
(1) فتح القدير 5 / 455.
(2) الدرر شرح الغرر 2 / 142.
(3) المراد بهبة الثواب هنا أن يهب ليعطيه الموهوب له مقابل هبته.
(4) الحطاب 4 / 255.

الصفحة 5