كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 9)

الْوَصْفِ الْمُجَاوِرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (1) .
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي:
أ - الْبَيْعُ الْبَاطِل أَوِ الْفَاسِدُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ يَكُونُ حَرَامًا، وَالْحَرَامُ لاَ يَصْلُحُ سَبَبًا لِتَرَتُّبِ الأَْثَرِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ النَّهْيَ عَنِ التَّصَرُّفِ إِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ قَدْ خَرَجَ عَنِ اعْتِبَارِهِ وَشَرْعِيَّتِهِ.
ب - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ (2) وَالْبَيْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ، فَيَكُونُ مَرْدُودًا، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ.
ج - أَجْمَعَ سَلَفُ الأُْمَّةِ عَلَى الاِسْتِدْلاَل بِالنَّهْيِ عَلَى الْفَسَادِ (3) ، فَفَهِمُوا فَسَادَ الرِّبَا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (4) وَقَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {
__________
(1) حاشية الدسوقي 3 / 54، والقوانين الفقهية لابن جزي / 170، ونهاية المحتاج 3 / 429، وأشباه السيوطي / 312 ط عيسى الحلبي، وروضة الناظر / 113، والمغني 4 / 229 وما بعدها، وشرح منتهى الإرادات 2 / 154، 156، 157، والبدائع 5 / 299، 300، وبداية المجتهد 2 / 125 - 167 - 169.
(2) حديث: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 31 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1342 ط الحلبي) .
(3) ينظر كتاب تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد، لصلاح الدين بن كيكلدي العلائي، رسالة دكتوراه، تحقيق د. محمد إبراهيم السلقيني، من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق.
(4) سورة البقرة / 278.
لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ (1) وَنَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (2) .
هَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّ سَبَبَ بُطْلاَنِ الْبَيْعِ عِنْدَهُمْ يَرْجِعُ إِلَى اخْتِلاَل رُكْنِ الْبَيْعِ أَوْ شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِ الاِنْعِقَادِ، فَإِذَا تَخَلَّفَ الرُّكْنُ أَوْ شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الاِنْعِقَادِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلاً وَلاَ وُجُودَ لَهُ، لأَِنَّهُ لاَ وُجُودَ لِلتَّصَرُّفِ إِلاَّ مِنَ الأَْهْل فِي الْمَحَل حَقِيقَةً، وَيَكُونُ الْعَقْدُ فَائِتَ الْمَعْنَى مِنْ كُل وَجْهٍ، إِمَّا لاِنْعِدَامِ مَعْنَى التَّصَرُّفِ كَبَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، أَوْ لاِنْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ كَبَيْعِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لاَ يَعْقِل.
أَمَّا اخْتِلاَل شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَلاَ يُجْعَل الْبَيْعُ بَاطِلاً، كَمَا هُوَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بَل يَكُونُ فَاسِدًا.
__________
(1) حديث: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 379 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1208 ط الحلبي) .
(2) جمع الجوامع 1 / 105، وروضة الناظر / 113، والمستصفى للغزالي 2 / 26، 27، وحاشية الدسوقي 3 / 54، وبداية المجتهد 2 / 167 - 169، والفروق للقرافي 2 / 82، 84، ونهاية المحتاج 3 / 429، والمنثور في القواعد 3 / 7، 313، والمغني 4 / 229 - 258، ومنتهى الإرادات 2 / 154 - 157. وحديث: " نهى عن بيع وشرط. . . ". أخرجه الطبراني في الأوسط كما في نصب الراية، ونقل الزيلعي عن ابن القطان أنه ضعيف (نصب الراية 4 / 18 - ط المجلس العلمي) .

الصفحة 55