كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 10)

إِذَا وُجِدَ نَصٌّ يُجِيزُ التَّأْخِيرَ، أَوْ قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَوْ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ خَارِجٌ عَنْ مَقْدُورِ الْعَبْدِ.
وَقَدْ يَعْرِضُ مَا يُخْرِجُ التَّأْخِيرَ عَنْ هَذَا الأَْصْل إِلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ أَوِ الْكَرَاهَةِ أَوِ الإِْبَاحَةِ.
فَيَجِبُ التَّأْخِيرُ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْحَامِل حَتَّى تَلِدَ، وَيَسْتَغْنِيَ عَنْهَا وَلِيدُهَا. (1)
أَمَّا الْمَرِيضُ، فَإِنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ يُؤَخَّرُ عَنْهُ الْحَدُّ حَتَّى يَبْرَأَ، وَإِنْ كَانَ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلاَ يُؤَخَّرُ. (2) وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ بِالنَّفْسِ.
وَيُنْدَبُ: كَتَأْخِيرِ السُّحُورِ إِلَى آخِرِ اللَّيْل، وَتَأْخِيرِ الْوِتْرِ إِلَى وَقْتِ السَّحَرِ لِمَنْ وَثِقَ بِصَلاَتِهِ فِيهِ، وَكَتَأْخِيرِ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَنْ وَقْتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْسِرِ لِوُجُودِ عُذْرِ الإِْعْسَارِ (3) . قَال تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (4) وَيُكْرَهُ: كَتَأْخِيرِ الإِْفْطَارِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، إِذِ السُّنَّةُ فِي الإِْفْطَارِ التَّعْجِيل.
وَيُبَاحُ: كَتَأْخِيرِ الصَّلاَةِ عَنْ أَوَّل الْوَقْتِ مَا لَمْ يَدْخُل فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ.
__________
(1) المغني 7 / 731 ط القاهرة.
(2) المغني 8 / 173 نشر مكتبة الرياض.
(3) أحكام القرآن للجصاص 1 / 568
(4) سورة البقرة / 180
تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَأْخِيرِ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ لِتُصَلَّى جَمْعًا مَعَ الْعِشَاءِ، وَذَلِكَ لِلْحَاجِّ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ. وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ جَمْعِ صَلاَتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا، وَكَذَا فِي جَمْعِ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِهِ فِي أَعْذَارٍ مُعَيَّنَةٍ، وَمَنَعَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَيُنْظَرُ الْخِلاَفُ وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (جَمْعُ الصَّلاَةِ) .

تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ لِفَاقِدِ الْمَاءِ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى سُنِّيَّةِ تَأْخِيرِ الصَّلاَةِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ إِذَا تُيُقِّنَ وُجُودُ الْمَاءِ فِي آخِرِهِ، وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ بِأَلاَّ يَدْخُل وَقْتُ الْكَرَاهَةِ.
أَمَّا إِذَا ظَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ، أَوْ رَجَاهُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ أَفْضَل بِشَرْطِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ يَتَيَمَّمُ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ نَدْبًا، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّعْجِيل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَفْضَل. (1)

تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ بِلاَ عُذْرٍ:
9 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ تَأْخِيرِ الصَّلاَةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا بِلاَ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ (2) .
__________
(1) ابن عابدين 1 / 166، والدسوقي 1 / 157، ومغني المحتاج 1 / 89، وكشاف القناع 1 / 178.
(2) الدسوقي 1 / 189 - 263، والمجموع 3 / 13.

الصفحة 8