كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 10)

أَمَّا مَنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ كَسَلاً وَهُوَ مُوقِنٌ بِوُجُوبِهَا، وَكَانَ تَرْكُهُ لَهَا بِلاَ عُذْرٍ وَلاَ تَأَوُّلٍ وَلاَ جَهْلٍ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ. قَال الْحَصْكَفِيُّ: لأَِنَّهُ يُحْبَسُ لِحَقِّ الْعَبْدِ، فَحَقُّ (الْحَقِّ) أَحَقُّ.
وَقِيل: يُضْرَبُ حَتَّى يَسِيل مِنْهُ الدَّمُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا دُعِيَ إِلَى فِعْلِهَا، فَإِنْ تَضَيَّقَ وَقْتُ الَّتِي تَلِيهَا وَأَبَى الصَّلاَةَ يُقْتَل حَدًّا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْتَل لِكُفْرِهِ.
قَال فِي الإِْنْصَافِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الأَْصْحَابِ.
أَمَّا تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَهُوَ خِلاَفُ الأَْوْلَى لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَّل الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَوَسَطُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ (1) وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إِلَى أَحَدِ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ. (2) وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
__________
(1) حديث: " أول الوقت رضوان الله ووسطه رحمة الله وآخره عفو الله " أخرجه الدارقطني (1 / 249 - ط شركة الطباعة الفنية) وفي إسناده يعقوب بن الوليد المدني، كذبه أحمد بن حنبل وابن معين. (التلخيص لابن حجر 1 / 180 - ط دار المحاسن) .
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 235.
تَأْخِيرُ دَفْعِ الزَّكَاةِ:
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ دَفْعِ الزَّكَاةِ عَنْ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهَا وَأَنَّهَا يَجِبُ إِخْرَاجُهَا عَلَى الْفَوْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (1) وَهَذَا فِي زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَيُلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا.
وَالَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ الْبَاقِلاَّنِيُّ وَالْجَصَّاصُ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ أَدَّى يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلْوَاجِبِ، وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى آخِرِ عُمْرِهِ يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُؤَدِّ إِلَى أَنْ مَاتَ يَأْثَمُ. (2)
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ بَعْدَ الْحَوْل مَعَ التَّمَكُّنِ مِنَ الإِْخْرَاجِ فَتَلِفَ بَعْضُ الْمَال أَوْ كُلُّهُ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا، وَلاَ تَسْقُطُ عَنْهُ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا أَخَّرَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى سُقُوطِ الزَّكَاةِ بِهَلاَكِ الْمَال بَعْدَ الْحَوْل، سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنَ الأَْدَاءِ أَمْ لَمْ يَتَمَكَّنْ. (3)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاةٌ) .
__________
(1) سورة الأنعام / 141.
(2) ابن عابدين 2 / 12 - 13، والدسوقي 1 / 500، ومغني المحتاج 1 / 413، وكشاف القناع 2 / 55.
(3) ابن عابدين 2 / 73، والدسوقي 1 / 503، ومغني المحتاج 1 / 418، وكشاف القناع 2 / 55.

الصفحة 9