كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَاسْتَمَرَّ الْجُنُونُ أَوِ الإِْغْمَاءُ أَكْثَرَ الْيَوْمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَسْتَمِرَّ نِصْفَ يَوْمٍ فَأَقَل أَجْزَأَهُ، وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ الإِْغْمَاءُ أَوِ الْجُنُونُ مَعَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ فَالْقَضَاءُ مُطْلَقًا؛ لِزَوَال الْعَقْل وَقْتَ النِّيَّةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الإِْغْمَاءَ لاَ يَضُرُّ صَوْمَهُ إِذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارٍ، أَيَّ لَحْظَةٍ كَانَتْ، اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ مَعَ الإِْفَاقَةِ فِي جُزْءٍ.
وَالثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: لاَ يَضُرُّ إِذَا أَفَاقَ أَوَّل النَّهَارِ. وَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جُنَّ فَفِيهِ قَوْلاَنِ: فِي الْجَدِيدِ يَبْطُل الصَّوْمُ؛ لأَِنَّهُ عَارِضٌ يُسْقِطُ فَرْضَ الصَّلاَةِ فَأَبْطَل الصَّوْمَ، وَقَال فِي الْقَدِيمِ: هُوَ كَالإِْغْمَاءِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الْجُنُونُ كَالإِْغْمَاءِ يُجْزِئُ صَوْمُهُ إِذَا كَانَ مُفِيقًا فِي أَيِّ لَحْظَةٍ مِنْهُ مَعَ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ.
32 - أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي تَحْدُثُ فِيهِ الإِْفَاقَةُ مِنَ الْجُنُونِ أَوِ الإِْغْمَاءِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْمَجْنُونَ جُنُونًا عَارِضًا لَوْ أَفَاقَ فِي النَّهَارِ قَبْل الزَّوَال، فَنَوَى الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ. وَفِي الْجُنُونِ الأَْصْلِيِّ خِلاَفٌ، وَيُجْزِئُ فِي الإِْغْمَاءِ بِلاَ خِلاَفٍ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ أَفَاقَ قَبْل الْفَجْرِ أَجْزَأَ ذَلِكَ الْيَوْمُ عَنِ الصِّيَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى
عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتِ الإِْفَاقَةُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيل السَّابِقِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي النَّهَارِ فَعَلَى الأَْصَحِّ لاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الإِْمْسَاكُ، وَهَذَا فِي وَجْهٍ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي: يَجِبُ الْقَضَاءُ، أَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَفَاقَ أَجْزَأَهُ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي قَضَاءِ الْيَوْمِ الَّذِي أَفَاقَ فِيهِ الْمَجْنُونُ وَإِمْسَاكِهِ رِوَايَتَانِ، أَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَيَصِحُّ صَوْمُهُ إِنْ أَفَاقَ فِي جُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ. (1)

ثَالِثًا: بِالنِّسْبَةِ لِلْحَجِّ:
33 - مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَطَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ إِغْمَاءٌ ثُمَّ أَفَاقَ مِنْهُ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَوَقَفَ، أَجْزَأَهُ الْحَجُّ بِاتِّفَاقٍ.
وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ لِجُنُونٍ أَوْ إِغْمَاءٍ، وَلَكِنَّهُ أَفَاقَ مِنْ قَبْل الْوُقُوفِ، وَأَحْرَمَ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَهُ، عَلَى تَفْصِيلٍ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ.
وَمِثْل ذَلِكَ أَيْضًا الْمَجْنُونُ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ، أَوِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ - عِنْدَ مَنْ يَقُول بِجَوَازِ الإِْحْرَامِ عَنْهُ كَالْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ - إِذَا أَفَاقَا قَبْل الْوُقُوفِ وَوَقَفَا أَجْزَأَهُمَا الْحَجُّ، وَمَنْ وَقَفَ
__________
(1) ابن عابدين 2 / 123، والبدائع 2 / 88 - 89، وفتح القدير 2 / 285، وجواهر الإكليل 1 / 148، والشرح الصغير 1 / 247 ط الحلبي، والمهذب 1 / 184، 192، ونهاية المحتاج 3 / 183، والمغني 3 / 98، 99، 156، ومنتهى الإرادات 1 / 118.

الصفحة 112