كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ:
14 - يُفَرِّقُ الشَّافِعِيَّةُ فِي تَخَارُجِ الْوَرَثَةِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ عَنْ إِقْرَارٍ أَوْ عَنْ إِنْكَارٍ، فَإِنْ كَانَ عَنْ إِقْرَارٍ، وَكَانَ الْبَدَل مِنْ غَيْرِ الْمُتَصَالَحِ عَلَيْهِ كَانَ بَيْعًا تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ، كَاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ إِنِ اتَّفَقَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا، وَكَاشْتِرَاطِ التَّسَاوِي إِذَا كَانَ جِنْسًا رِبَوِيًّا وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَإِنْ جَرَى الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الْمُتَصَالَحِ عَنْهُ فَهُوَ هِبَةٌ لِلْبَعْضِ، وَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْهِبَةِ.
هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصُّلْحِ عَنْ إِقْرَارٍ، أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ فَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَهُمْ، لَكِنَّهُمْ يَسْتَثْنُونَ مِنْ بُطْلاَنِ الصُّلْحِ عَلَى الإِْنْكَارِ صُلْحَ الْوَرَثَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِلضَّرُورَةِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَا يُعْطَى لِلْمُتَصَالِحِ مِنْ نَفْسِ التَّرِكَةِ لاَ مِنْ غَيْرِهَا، وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ التَّصَالُحُ عَلَى تَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ. (1)
مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ:
15 - لَمْ يَذْكُرِ الْحَنَابِلَةُ صُوَرًا لِلتَّخَارُجِ، وَهُوَ يَجْرِي عَلَى قَوَاعِدِ الصُّلْحِ الْعَامَّةِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ بَيْعًا أَوْ هِبَةً أَوْ إِبْرَاءً.
__________
(1) روضة الطالبين 4 / 193 - 202، ونهاية المحتاج 4 / 371 - 377 و 6 / 301، والوجيز 1 / 177، 178، ومغني المحتاج 2 / 177، وأسنى المطالب 2 / 218، 3 / 173، وخبايا الزوايا ص 317.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَدَل مِنْ جِنْسِ الْمُتَصَالَحِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ بِقَدْرِهِ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لِبَعْضِهِ وَتَرْكٌ لِلْبَعْضِ الآْخَرِ: إِمَّا عَلَى سَبِيل الإِْبْرَاءِ أَوْ عَلَى سَبِيل الْهِبَةِ.
وَإِنْ كَانَ الْبَدَل مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُتَصَالَحِ عَلَيْهِ كَانَ بَيْعًا تَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ، وَتُرَاعَى شُرُوطُ الصَّرْفِ إِنْ كَانَ عَنْ نَقْدٍ بِنَقْدٍ وَهَكَذَا.
وَيُشْتَرَطُ - إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ - أَنْ لاَ يَأْخُذَ الْمُتَصَالِحُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ؛ لأَِنَّ الزَّائِدَ لاَ مُقَابِل لَهُ، فَيَكُونُ ظَالِمًا بِأَخْذِهِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا أَخَذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا فِي حَقِّ الْمُدَّعِي؛ لاِعْتِقَادِهِ أَخْذَهُ عِوَضًا، وَيَكُونُ فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ بِمَنْزِلَةِ الإِْبْرَاءِ؛ لأَِنَّهُ دَفَعَ الْمَال افْتِدَاءً لِيَمِينِهِ وَرَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ. (1)

كَوْنُ بَعْضِ التَّرِكَةِ دَيْنًا قَبْل التَّخَارُجِ:
لَوْ كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ وَصَالَحَ الْوَرَثَةُ أَحَدَهُمْ عَلَى أَنْ يُخْرِجُوهُ مِنَ الدَّيْنِ وَيَكُونَ لَهُمْ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ حَسَبَ الاِتِّجَاهَاتِ الآْتِيَةِ:
16 - فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي الْعَيْنِ
__________
(1) المغني 4 / 529 - 534، وكشاف القناع 3 / 391 - 392، ومنتهى الإرادات 2 / 260 - 263، والعذب الفائض 2 / 136، 138، 140، 142، 144.

الصفحة 12