كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

وَيُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ ثُلُثِ الْمَال فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، وَيُعْتَقُ مِنْ جَمِيعِ مَال الْمَيِّتِ فِي قَوْل بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ. (1)

حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ:
3 - يُؤَدِّي التَّدْبِيرُ إِلَى حُرِّيَّةِ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ دَبَّرَهُ، وَالشَّارِعُ يَحْرِصُ عَلَى تَحْرِيرِ الرِّقَابِ، وَالتَّدْبِيرُ طَرِيقَةٌ مُيَسَّرَةٌ لِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ تَدُومُ مَعَهُ مَنْفَعَةُ الرَّقِيقِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ يَكُونُ قُرْبَةً لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ.

صِيغَتُهُ:
4 - يَثْبُتُ التَّدْبِيرُ بِكُل لَفْظٍ يُفِيدُ إِثْبَاتَ الْعِتْقِ لِلْمَمْلُوكِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، كَأَنْ يَقُول، مُعَلِّقًا: إِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ يَقُول مُضِيفًا لِمُسْتَقْبَلٍ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي. وَلاَ تُفِيدُ الصِّيغَةُ حُكْمَهَا إِلاَّ إِذَا صَدَرَتْ مِمَّنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ عَلَى سَبِيل الْوَصِيَّةِ.

آثَارُهُ:
5 - الْفُقَهَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي الآْثَارِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى التَّدْبِيرِ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ إِلَى: أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ، وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُرْهَنُ، وَلاَ يَخْرُجُ مِنَ الْمِلْكِ إِلاَّ
__________
(1) المغني 9 / 387.
بِالإِْعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ، وَيُسْتَخْدَمُ وَيُسْتَأْجَرُ، وَمَوْلاَهُ أَحَقُّ بِكَسْبِهِ وَأَرْشِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُبَاعُ مُطْلَقًا فِي الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ، وَعِنْدَ حَاجَةِ السَّيِّدِ إِلَى بَيْعِهِ وَعَدَمِهَا. لِحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي. فَبَاعَهُ مِنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ وَقَال: أَنْتَ أَحْوَجُ مِنْهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (1)
وَفَسَّرَ الشَّافِعِيَّةُ الْحَاجَةَ هُنَا بِالدَّيْنِ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا، بَل هُوَ اتِّفَاقِيٌّ لِمَا وَرَدَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ (2) .

مِنْ مُبْطِلاَتِهِ:
6 - مِنْ مُبْطِلاَتِ التَّدْبِيرِ: قَتْل الْمُدَبَّرِ سَيِّدَهُ، وَاسْتِغْرَاقُ تَرِكَةِ السَّيِّدِ بِالدَّيْنِ. وَهُنَاكَ تَفْصِيلاَتٌ كَثِيرَةٌ وَأَحْكَامٌ فِي الْمَذَاهِبِ مُخْتَلِفَةٌ لاَ حَاجَةَ لإِِيرَادِهَا؛ لِعَدَمِ وُجُودِ الرِّقِّ الآْنَ.
__________
(1) حديث: " أن رجلا أعتق مملوكا. . . " أخرج أصله البخاري (الفتح 4 / 354 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1289 ط الحلبي) واللفظ للبيهقي (10 / 310 ط دائرة المعارف العثمانية) .
(2) الدر المختار 3 / 32، 33، والقليوبي 4 / 359، والدسوقي 4 / 385، والمغني 9 / 393.

الصفحة 125