كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

وَقَال عَلَيْهِ أَفْضَل الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَل فِي مَقْتِ اللَّهِ، وَلَمْ تَزَل الْمَلاَئِكَةُ تَلْعَنُهُ (1) .
وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا (2)
وَلِهَذَا يُؤَدِّبُ الْحَاكِمُ الْمُدَلِّسَ؛ لِحَقِّ اللَّهِ وَلِحَقِّ الْعِبَادِ.

التَّدْلِيسُ فِي الْمُعَامَلاَتِ:
7 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ كُل تَدْلِيسٍ يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لأَِجْلِهِ فِي الْمُعَامَلاَتِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ: كَتَصْرِيَةِ الشِّيَاهِ وَنَحْوِهَا قَبْل بَيْعِهَا لِيَظُنَّ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ، وَصَبْغَ الْمَبِيعِ بِلَوْنٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ، عَلَى اخْتِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ.
وَاسْتَدَلُّوا لِثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالتَّصْرِيَةِ بِحَدِيثِ: مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ (3) . وَقِيسَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا، وَهُوَ كُل فِعْلٍ مِنَ الْبَائِعِ
__________
(1) حديث: " من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 755 - ط الحلبي) وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس، وشيخه ضعيف.
(2) حديث: " من غشنا فليس منا " أخرجه مسلم (1 / 99 - ط الحلبي) .
(3) حديث: " من اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر لا سمراء " أخرجه مسلم (3 / 1159 - ط الحلبي) .
بِالْمَبِيعِ يَظُنُّ الْمُشْتَرِي بِهِ كَمَالاً فَلاَ يُوجَدُ؛ لأَِنَّ الْخِيَارَ غَيْرُ مَنُوطٍ بِالتَّصْرِيَةِ لِذَاتِهَا، بَل لِمَا فِيهَا مِنَ التَّلْبِيسِ وَالإِْيهَامِ (1)
شَرْطُ الرَّدِّ بِالتَّدْلِيسِ:
8 - لاَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِمُجَرَّدِ التَّدْلِيسِ، بَل يُشْتَرَطُ أَلاَّ يَعْلَمَ الْمُدَلَّسُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ قَبْل الْعَقْدِ، فَإِنْ عَلِمَ فَلاَ خِيَارَ لَهُ لِرِضَاهُ بِهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ أَلاَّ يَكُونَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا، أَوْ مِمَّا يَسْهُل مَعْرِفَتُهُ.
وَيَثْبُتُ خِيَارُ التَّدْلِيسِ فِي كُل مُعَاوَضَةٍ، كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ، وَبَدَل الصُّلْحِ عَنْ إِقْرَارٍ، وَبَدَل الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ. (2)
التَّدْلِيسُ الْقَوْلِيُّ:
9 - التَّدْلِيسُ الْقَوْلِيُّ كَالتَّدْلِيسِ الْفِعْلِيِّ فِي الْعُقُودِ، كَالْكَذِبِ فِي السِّعْرِ فِي بُيُوعِ الأَْمَانَاتِ (وَهِيَ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْحَطِيطَةُ) فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ التَّدْلِيسِ. (3)
التَّدْلِيسُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ:
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ
__________
(1) روضة الطالبين 3 / 469، وجواهر الإكليل 2 / 42، والمغني 4 / 157، وحاشية ابن عابدين 4 / 71، وحاشية الدسوقي 3 / 228، والفروع 4 / 93.
(2) المصادر السابقة، ومطالب أولي النهى 3 / 105، ومغني المحتاج 2 / 64، والفروع 4 / 93، وابن عابدين 4 / 71، والزرقاني 5 / 181.
(3) روضة الطالبين 3 / 470، وشرح الزرقاني 5 / 133.

الصفحة 128