كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

غَيْرَ مَضْرُوبٍ، فَإِذَا ضُرِبَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَيْنٌ. وَلاَ يُقَال تِبْرٌ إِلاَّ لِلذَّهَبِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ لِلْفِضَّةِ أَيْضًا، وَقَدْ يُطْلَقُ التِّبْرُ عَلَى غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْمَعْدِنِيَّاتِ (1) .
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، عَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ: الذَّهَبُ غَيْرُ الْمَضْرُوبِ (2) .
وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: اسْمٌ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْل ضَرْبِهِمَا، أَوْ لِلذَّهَبِ فَقَطْ، وَالْمُرَادُ الأَْعَمُّ (3) .

ب - تُرَابُ الْمَعَادِنِ:
3 - أَمَّا التُّرَابُ فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ مَعْنَاهُ، وَأَمَّا الْمَعَادِنُ فَهِيَ: جَمْعُ مَعْدِنٍ بِكَسْرِ الدَّال، وَالْمَعْدِنُ - كَمَا قَال اللَّيْثُ: مَكَانُ كُل شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ أَصْلُهُ وَمَبْدَؤُهُ كَمَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (4)
وَأَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، فَهُوَ كَمَا عَرَّفَهُ الزَّيْلَعِيُّ: اسْمٌ لِمَا يَكُونُ فِي الأَْرْضِ خِلْقَةً، بِخِلاَفِ الرِّكَازِ وَالْكَنْزِ؛ إِذِ الْكَنْزُ اسْمٌ لِمَدْفُونِ الْعِبَادِ، وَالرِّكَازُ اسْمٌ لِمَا يَكُونُ فِي الأَْرْضِ خِلْقَةً، أَوْ بِدَفْنِ الْعِبَادِ. (5)
وَقَال الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ الْمَعْدِنَ لَهُ
__________
(1) الصحاح، واللسان، مادة: " تبر "، وابن عابدين 2 / 44.
(2) جواهر الإكليل 2 / 171 ط دار المعرفة.
(3) حاشية قليوبي 3 / 52 ط الحلبي.
(4) الصحاح، والقاموس، واللسان، والمصباح، مادة: " عدن ".
(5) تبيين الحقائق 1 / 287 - 288 ط دار المعرفة.
إِطْلاَقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُسْتَخْرَجِ، وَالآْخَرُ عَلَى الْمُخْرَجِ مِنْهُ (1) .
هَذَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ تُرَابِ الْمَعْدِنِ وَتُرَابِ الصَّاغَةِ - كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ - أَنَّ تُرَابَ الْمَعْدِنِ: هُوَ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ جَوْهَرِ الْمَعْدِنِ نَفْسِهِ، دُونَ اخْتِلاَطٍ بِجَوْهَرٍ آخَرَ.
أَمَّا تُرَابُ الصَّاغَةِ فَهُوَ الْمُتَسَاقِطُ مِنَ الْمَعْدِنِ مُخْتَلِطًا بِالتُّرَابِ أَوِ الرَّمْل أَوْ نَحْوِهِمَا. (2)

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 - تُرَابُ الصَّاغَةِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ مَجْهُولاً أَوْ مَعْلُومًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ جِنْسٍ، وَإِمَّا أَنْ يُصَفَّى وَيُمَيَّزَ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ أَوْ لاَ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنِ اشْتَرَى تُرَابَ الْفِضَّةِ بِفِضَّةٍ لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّهُ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي التُّرَابِ شَيْءٌ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ ظَهَرَ فَهُوَ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ مُجَازَفَةً، وَلِهَذَا لَوِ اشْتَرَاهُ بِتُرَابِ فِضَّةٍ لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْبَدَلَيْنِ هُمَا الْفِضَّةُ لاَ التُّرَابُ. وَلَوِ اشْتَرَاهُ بِتُرَابِ ذَهَبٍ أَوْ بِذَهَبٍ جَازَ، لِعَدَمِ لُزُومِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ، لاِخْتِلاَفِ الْجِنْسِ، فَلَوْ ظَهَرَ أَنْ لاَ شَيْءَ فِي التُّرَابِ لاَ يَجُوزُ.
__________
(1) نهاية المحتاج 3 / 96 ط المكتبة الإسلامية.
(2) المدونة 4 / 19 - 20 ط دار صادر، وجواهر الإكليل 2 / 7.

الصفحة 146