كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَل، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ (1) وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى كَانَ كَثِيرٌ مِنْ صَلاَتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ. (2)
7 - أَمَّا كَيْفِيَّةُ الْقُعُودِ فِي التَّطَوُّعِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَطَوِّعِ جَالِسًا أَنْ يُكَبِّرَ لِلإِْحْرَامِ مُتَرَبِّعًا وَيَقْرَأَ، ثُمَّ يُغَيِّرَ هَيْئَتَهُ لِلرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ عَلَى اخْتِلاَفٍ بَيْنَهُمْ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ. (3)
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - فِيمَا نَقَلَهُ الْكَرْخِيُّ عَنْهُ - تَخْيِيرَ الْمُتَطَوِّعِ فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ بَيْنَ الْقُعُودِ وَالتَّرَبُّعِ وَالاِحْتِبَاءِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَحْتَبِي، هَذَا مَا اخْتَارَهُ الإِْمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ؛ لأَِنَّ عَامَّةَ صَلاَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) حديث: " من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 586 - ط السلفية) .
(2) حديث: " لم يمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان كثير من. . . " أخرجه مسلم (1 / 506 - عيسى الحلبي) .
(3) المغني مع الشرح الكبير 1 / 780، وروضة الطالبين 1 / 235، والبحر الرائق 2 / 68، والشرح الصغير 1 / 360.
فِي آخِرِ الْعُمْرِ كَانَ مُحْتَبِيًا؛ وَلأَِنَّهُ يَكُونُ أَكْثَرَ تَوَجُّهًا بِأَعْضَائِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ.
وَقَال زُفَرُ: يَقْعُدُ فِي جَمِيعِ الصَّلاَةِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ، هَذَا مَا اخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ.
وَقَال الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لأَِنَّهُ الْمَعْهُودُ شَرْعًا فِي الصَّلاَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الأَْقْوَال: إِنَّ الْمُتَطَوِّعَ يَقْعُدُ مُفْتَرِشًا. (1)

ثَانِيًا - التَّرَبُّعُ عِنْدَ تِلاَوَةِ الْقُرْآنِ:
8 - لاَ بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي كُل حَالٍ: قَائِمًا أَوْ جَالِسًا، مُتَرَبِّعًا أَوْ غَيْرَ مُتَرَبِّعٍ، أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ (2) وَعَنْهَا قَالَتْ: إِنِّي لأََقْرَأُ الْقُرْآنَ وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى سَرِيرِي.
__________
(1) البحر الرائق 2 / 68 - 69، وروضة الطالبين 1 / 235.
(2) حديث عائشة: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 401 - ط السلفية) .

الصفحة 162