كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

ط - انْعِقَادُ النِّكَاحِ وَوُقُوعُ الطَّلاَقِ، بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ
أَوَّلاً - تَرْجَمَةُ صِيغَةِ النِّكَاحِ:
13 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَنْ لاَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ يَصِحُّ مِنْهُ عَقْدُ النِّكَاحِ بِلِسَانِهِ؛ لأَِنَّهُ عَاجِزٌ عَمَّا سِوَاهُ، فَسَقَطَ عَنْهُ كَالأَْخْرَسِ، وَيَحْتَاجُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَعْنَى الْخَاصِّ بِحَيْثُ يَشْتَمِل عَلَى مَعْنَى اللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ، وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا كَانَتِ الْعَرَبِيَّةُ شَرْطًا فِيهِ كَالتَّكْبِيرِ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَقْدِرُ عَلَى لَفْظِ النِّكَاحِ بِالْعَرَبِيَّةِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِهَا؛ لأَِنَّهُ أَتَى بِلَفْظِهِ الْخَاصِّ، فَانْعَقَدَ بِهِ، كَمَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْعَرَبِيَّةِ. وَلأَِنَّ اللُّغَةَ الْعَجَمِيَّةَ تَصْدُرُ عَمَّنْ تَكَلَّمَ بِهَا عَنْ قَصْدٍ صَحِيحٍ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ لاَ يُحْسِنُهَا.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ إِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْعَرَبِيَّةَ وَإِلاَّ فَلاَ (1) . وَقَال فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي النِّكَاحِ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ دُونَ الآْخَرِ أَتَى الَّذِي يُحْسِنُ
__________
(1) ابن عابدين 2 / 270، وروضة الطالبين 7 / 36، والمغني 6 / 533، وكشاف القناع 5 / 38، 40.
الْعَرَبِيَّةَ بِمَا هُوَ مِنْ قِبَلِهِ - مِنْ إِيجَابٍ أَوْ قَبُولٍ - بِالْعَرَبِيَّةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَالْعَاقِدُ الآْخَرُ يَأْتِي بِمَا هُوَ مِنْ قِبَلِهِ بِلُغَتِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لاَ يُحْسِنُ لِسَانَ الآْخَرِ تَرْجَمَ بَيْنَهُمَا ثِقَةٌ يَعْرِفُ اللِّسَانَيْنِ (1) .

ثَانِيًا - التَّطْلِيقُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ:
14 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّ الْعَجَمِيَّ إِذَا أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلاَقِ بِالْعَجَمِيَّةِ كَانَ طَلاَقًا، وَإِذَا أَتَى بِالْكِنَايَةِ لاَ يَقَعُ إِلاَّ بِنِيَّتِهِ.
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الأَْلْفَاظِ الَّتِي تُعْتَبَرُ صَرِيحَ الطَّلاَقِ وَكِنَايَتَهُ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَبَيَّنَ الْفُقَهَاءُ بَعْضَهَا فِي كِتَابِ الطَّلاَقِ (2) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ لَزِمَهُ إِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ عَدْلاَنِ يَعْرِفَانِ الْعَجَمِيَّةَ. قَال ابْنُ نَاجِي: قَال أَبُو إِبْرَاهِيمَ: يُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّ التُّرْجُمَانَ لاَ يَكُونُ أَقَل مِنْ عَدْلَيْنِ (3) .
وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (طَلاَقٌ) .

ي - التَّرْجَمَةُ فِي الْقَضَاءِ:
15 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ مُتَرْجِمًا (4) .
__________
(1) كشاف القناع 5 / 39.
(2) ابن عابدين 2 / 429، 464، والفتاوى الهندية ط المطبعة الأميرية، والقليوبي 3 / 324، 327، ونهاية المحتاج 6 / 428، وروضة الطالبين 8 / 23، 25، والمغني 7 / 124، 238.
(3) مواهب الجليل 4 / 44.
(4) ابن عابدين 4 / 374، ومواهب الجليل 6 / 111، والشرح الصغير 4 / 202، وروضة الطالبين 11 / 136، والمغني 9 / 100، 101، وكشاف القناع 6 / 352.

الصفحة 174