كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

وَأَمَّا تَعَدُّدُهُ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى: أَنَّهُ يَكْفِي وَاحِدٌ عَدْلٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ يَهُودَ، قَال: فَكُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِمْ، وَأَقْرَأُ لَهُ إِذَا كَتَبُوا (1) .
وَلأَِنَّهُ مِمَّا لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَأَجْزَأَ فِيهِ الْوَاحِدُ كَأَخْبَارِ الدِّيَانَاتِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَاحِدُ الْعَدْل إِنْ رَتَّبَهُ الْقَاضِي. أَمَّا غَيْرُ الْمُرَتَّبِ بِأَنْ أَتَى بِهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ، أَوْ طَلَبَهُ الْقَاضِي لِلتَّبْلِيغِ، فَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنَ التَّعَدُّدِ؛ لأَِنَّهُ صَارَ كَالشَّاهِدِ. وَفِي قَوْلٍ: لاَ بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ، وَلَوْ رُتِّبَ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: أَنَّ التَّرْجَمَةَ شَهَادَةٌ؛ لأَِنَّ الْمُتَرْجِمَ يَنْقُل إِلَى الْقَاضِي قَوْلاً لاَ يَعْرِفُهُ الْقَاضِي، وَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُتَخَاصِمَيْنِ، وَلِذَا فَإِنَّهَا تَفْتَقِرُ إِلَى الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مِنَ الشُّرُوطِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ. فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ أَوِ امْرَأَتَيْنِ قُبِلَتِ التَّرْجَمَةُ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَمَا لاَ
__________
(1) حديث زيد بن ثابت: " أنه أمره أن يتعلم كتاب يهود. . . " أخرجه الترمذي (5 / 67 - ط الحلبي) وقال: حسن صحيح.
(2) الشرح الصغير 4 / 202، ومواهب الجليل 6 / 116.
يَثْبُتُ إِلاَّ بِرَجُلَيْنِ يُشْتَرَطُ فِي تَرْجَمَتِهِ رَجُلاَنِ، وَفِي حَدِّ الزِّنَا قَوْلاَنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لاَ يَكْفِي فِيهِ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ:
وَالثَّانِي: يَكْفِي فِيهِ اثْنَانِ. وَقِيل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَكْفِي رَجُلاَنِ قَطْعًا (1) .

تَرْجِيحٌ

انْظُرْ: تَعَارُضٌ.
__________
(1) روضة الطالبين 11 / 136، والمغني 9 / 100، 101، وكشاف القناع 6 / 352، 353.

الصفحة 175