كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ، وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُدْنِيَ الْمُعْتَكِفُ رَأْسَهُ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ لِتَرْجِيل شَعْرِهِ، كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ كَرَاهَةَ التَّرْجِيل فِي الْمَسْجِدِ؛ لأَِنَّ التَّرْجِيل لاَ يَخْلُو مِنْ سُقُوطِ شَيْءٍ مِنَ الشَّعْرِ، وَالأَْخْذُ مِنَ الشَّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُمْ (2) .
وَلِلتَّفْصِيل يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ: (اعْتِكَافٍ) .

ب - تَرْجِيل الْمُحْرِمِ:
4 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّرْجِيل لِلْمُحْرِمِ - وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ إِذَا كَانَ التَّرْجِيل بِالدُّهْنِ - لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَاجُّ الشَّعِثُ التَّفِل (3) . وَالْمُرَادُ بِالشَّعَثِ انْتِشَارُ شَعْرِ الْحَاجِّ فَلاَ يَجْمَعُهُ بِالتَّسْرِيحِ وَالدَّهْنِ وَالتَّغْطِيَةِ وَنَحْوِهِ (4) .
__________
(1) حديث: " كان يصغي إلي رأسه. . . " سبق تخريجه (ف / 2) . وانظر روضة الطالبين 2 / 392، والمغني مع الشرح الكبير 3 / 151، وعمدة القاري شرح صحيح البخاري 11 / 144 ط المنيرية، وفتح الباري 4 / 272، 273 ط السلفية.
(2) جواهر الإكليل 1 / 159، والزرقاني 2 / 226، والحطاب 2 / 463، وإعلام الساجد بأحكام المساجد ص 407.
(3) حديث: " الحاج الشعث التفل " أخرجه الترمذي (5 / 225 ط الحلبي) وإسناده ضعيف، (التلخيص لابن حجر 2 / 221 - ط شركة الطباعة الفنية المحدودة) .
(4) الاختيار لتعليل المختار 1 / 143، ومنح الجليل 1 / 512.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ بِكَرَاهِيَّةِ التَّرْجِيل لِلْمُحْرِمِ لأَِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى نَتْفِ الشَّعْرِ (1) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ التَّرْجِيل فِي حَالَةِ الإِْحْرَامِ لاَ بَأْسَ بِهِ، مَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى إِبَانَةِ شَعْرِهِ (2) .
أَمَّا إِذَا تَيَقَّنَ الْمُحْرِمُ سُقُوطَ الشَّعْرِ بِالتَّرْجِيل فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي حُرْمَتِهِ حِينَئِذٍ (3) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (إِحْرَامٍ) .

ج - تَرْجِيل الْمُحِدَّةِ:
5 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّرْجِيل لِلْمُحِدَّةِ بِشَيْءٍ مِنَ الطِّيبِ أَوْ بِمَا فِيهِ زِينَةٌ. أَمَّا التَّرْجِيل بِغَيْرِ مَوَادِّ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ - كَالسِّدْرِ وَشِبْهِهِ مِمَّا لاَ يَخْتَمِرُ فِي الرَّأْسِ - فَقَدْ أَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ؛ لِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ وَلاَ بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خِضَابٌ، قَالَتْ: قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ؟ قَال: بِالسِّدْرِ تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ (4) وَلأَِنَّهُ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ لاَ لِلتَّطَيُّبِ.
__________
(1) شرح روض الطالب 1 / 510، والمجموع 7 / 352 ط المنيرية.
(2) كشاف القناع 1 / 423.
(3) قليوبي وعميرة 2 / 134، والشرح الصغير 2 / 85، وجواهر الإكليل 1 / 189، وشرح منتهى الإرادات 2 / 20 ط عالم الكتب.
(4) حديث: " لا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب. . . " أخرجه أبو داود (2 / 728 - ط عزت عبيد دعاس) وأعله عبد الحق الإشبيلي بجهالة بعض رواته، نيل الأوطار (6 / 333 - ط الحلبي) .

الصفحة 179