كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

السُّبْكِيُّ: أَنَّ مَحَل الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ مَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ (1) .

ب - التَّرَحُّمُ فِي التَّسْلِيمِ مِنَ الصَّلاَةِ:
6 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الأَْكْمَل فِي التَّسْلِيمِ فِي الصَّلاَةِ أَنْ يَقُول: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ (2) وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ (3) .
فَإِنْ قَال: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ - وَلَمْ يَزِدْ - يُجْزِئُهُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ (4) وَالتَّحْلِيل يَحْصُل بِهَذَا الْقَوْل، وَلأَِنَّ ذِكْرَ الرَّحْمَةِ تَكْرِيرٌ لِلثَّنَاءِ فَلَمْ يَجِبْ، كَقَوْلِهِ: وَبَرَكَاتُهُ. وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ - الأَْصَحُّ أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُهُ الاِقْتِصَارُ عَلَى: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، لأَِنَّ الصَّحِيحَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ
__________
(1) ابن عابدين 1 / 344، والأذكار ص 107، والفتوحات الربانية 3 / 227 وما بعدها.
(2) حديث ابن مسعود أخرجه الترمذي (2 / 89 ط الحلبي) وقال: حسن صحيح، وحديث جابر بن سمرة أخرجه مسلم (1 / 322 - ط الحلبي) .
(3) ابن عابدين 1 / 353، والاختيار 1 / 54، وروضة الطالبين 1 / 568، والمغني 1 / 554، وكشاف القناع 1 / 361.
(4) حديث: " تحليلها التسليم. . . " أخرجه الترمذي (1 / 9 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد حسنه النووي في الخلاصة كما في نصب الراية (1 / 307 ط المجلس العلمي بالهند) .
يَقُول: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ (1) ، وَلأَِنَّ السَّلاَمَ فِي الصَّلاَةِ وَرَدَ مَقْرُونًا بِالرَّحْمَةِ، فَلَمْ يَجُزْ بِدُونِهَا، كَالتَّسْلِيمِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: وَالأَْوْلَى تَرْكُ " وَبَرَكَاتُهُ " كَمَا فِي أَكْثَرِ الأَْحَادِيثِ.
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ: بِأَنَّ زِيَادَةَ " وَرَحْمَةُ اللَّهِ " لاَ يَضُرُّ؛ لأَِنَّهَا خَارِجَةٌ عَنِ الصَّلاَةِ، وَظَاهِرُ كَلاَمِ أَهْل الْمَذْهَبِ أَنَّهَا غَيْرُ سُنَّةٍ، وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْحَدِيثُ؛ لأَِنَّهَا لَمْ يَصْحَبْهَا عَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الأَْوْلَى الاِقْتِصَارُ عَلَى: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، وَأَنَّ زِيَادَةَ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ هُنَا خِلاَفُ الأَْوْلَى (2) .

ج - التَّرَحُّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجَ الصَّلاَةِ:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ التَّرَحُّمِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجَ الصَّلاَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا وَوَجَّهَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: بِأَنَّ الرَّحْمَةَ إِنَّمَا تَكُونُ غَالِبًا عَنْ فِعْلٍ يُلاَمُ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ أُمِرْنَا بِتَعْظِيمِهِ، وَلَيْسَ فِي التَّرَحُّمِ مَا يَدُل عَلَى التَّعْظِيمِ، مِثْل الصَّلاَةِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى بِهَا
__________
(1) الحديث الذي فيه زيادة وبركاته: أخرجه أبو داود (1 / 607 - ط عزت عبيد دعاس) من حديث وائل بن حجر وصححه النووي في المجموع (3 / 479 ط السلفية) .
(2) حاشية الدسوقي 1 / 241 ط دار الفكر.

الصفحة 183