كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

تَرْشِيدٌ

التَّعْرِيفُ:
1 - التَّرْشِيدُ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنَ الرُّشْدِ، وَهُوَ الصَّلاَحُ وَإِصَابَةُ الصَّوَابِ. وَرَشَّدَهُ الْقَاضِي تَرْشِيدًا: جَعَلَهُ رَشِيدًا (1) .
وَالتَّرْشِيدُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: رَفْعُ الْحَجْرِ عَنِ الصَّغِيرِ بَعْدَ اخْتِبَارِهِ،
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: يَكُونُ الرُّشْدُ بِالصَّلاَحِ فِي الْمَال (2) . وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الصَّلاَحُ فِي الدِّينِ وَالْمَال (3)

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ الْعَاقِل أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ، وَيَأْذَنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ لِلاِخْتِبَارِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ
__________
(1) المصباح مادة: " رشد ".
(2) حاشية ابن عابدين 5 / 94، 95 ط بيروت - لبنان، وبدائع الصنائع للكاساني 7 / 170، 171 ط الجمالية بمصر، والخرشي على مختصر خليل 5 / 294 ط دار صادر بيروت، والمغني والشرح الكبير 4 / 515 وما بعدها.
(3) نهاية المحتاج 4 / 350 ط المكتبة الإسلامية.
فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (1) أَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ابْتِلاَءِ الْيَتَامَى، وَالاِبْتِلاَءُ: الاِخْتِبَارُ، وَذَلِكَ بِالتِّجَارَةِ، فَكَانَ الإِْذْنُ بِالاِبْتِلاَءِ إِذْنًا بِالتِّجَارَةِ، وَإِذَا اخْتَبَرَهُ: فَإِنْ آنَسَ مِنْهُ رُشْدًا وَقَدْ بَلَغَ دَفَعَ الْبَاقِيَ إِلَيْهِ لِلآْيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْنَسْ مِنْهُ رُشْدًا مَنَعَهُ مِنْهُ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ، فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا دَفَعَ إِلَيْهِ، وَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا مُفْسِدًا مُبَذِّرًا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ عَنْهُ مَالَهُ. عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ صَارَ شَيْخًا، حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهُ بِالاِخْتِبَارِ. لَكِنَّ الْحَنَابِلَةَ قَالُوا: إِنَّ الاِخْتِبَارَ يَكُونُ بِتَفْوِيضِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا أَمْثَالُهُ، فَأَوْلاَدُ التُّجَّارِ غَيْرُ أَوْلاَدِ الدَّهَاقِينَ وَالْكُبَرَاءِ، وَكَذَا أَبْنَاءُ الْمُزَارِعِينَ، وَأَصْحَابُ الْحِرَفِ، وَكُل وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ يُخْتَبَرُ فِيمَا هُوَ أَهْلٌ لَهُ، وَالأُْنْثَى يُفَوَّضُ إِلَيْهَا مَا يُفَوَّضُ إِلَى رَبَّةِ الْبَيْتِ، فَإِنْ وُجِدَتْ ضَابِطَةً لِمَا فِي يَدِهَا مُسْتَوْفِيَةً مِنْ وَكِيلِهَا فَهِيَ رَشِيدَةٌ.
وَوَقْتُ الاِخْتِبَارِ عِنْدَهُمْ قَبْل الْبُلُوغِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لأَِصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} فَظَاهِرُ الآْيَةِ أَنَّ ابْتِلاَءَهُمْ قَبْل الْبُلُوغِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَمَّاهُمْ يَتَامَى، وَإِنَّمَا يَكُونُونَ يَتَامَى قَبْل الْبُلُوغِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَدَّ اخْتِبَارَهُمْ إِلَى الْبُلُوغِ بِلَفْظِ:
__________
(1) سورة النساء / 6

الصفحة 193