كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

وَتَعَالَى، وَيَجْتَهِدُونَ فِي فِعْل مَا يُرْضِيهِ، وَيَرْضَوْنَ بِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الاِبْتِلاَءِ مِنْ عِنْدِهِ أَشَدَّ الرِّضَا، فَهَؤُلاَءِ أَحَقُّ بِالرِّضَا (1) .
وَإِنْ كَانَ صَحَابِيًّا ابْنَ صَحَابِيٍّ كَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَال: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ لِتَشْمَلَهُ وَأَبَاهُ. وَإِذَا كَانَ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ مِنَ الصَّحَابَةِ قَال: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (2) .

ج - التَّرَضِّي عَنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ:
6 - قَال صَاحِبُ عُمْدَةِ الأَْبْرَارِ: يَجُوزُ التَّرَضِّي عَنِ السَّلَفِ مِنَ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِّيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (3) .
فَفِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ ذِكْرُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا، مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَكَمَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكُتُبِ مِثْل: التَّقْوِيمِ، وَالْبَزْدَوِيِّ، وَالسَّرَخْسِيِّ، وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا بَعْدَ ذِكْرِ الأَْسَاتِذَةِ أَوْ بَعْدَ ذِكْرِ نَفْسِهِ رَضِيَ اللَّهُ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 480.
(2) الأذكار ص 109، والفتوحات الربانية على الأذكار النووية 2 / 342 - ط المكتبة الإسلامية.
(3) سورة البينة / 7، 8.
فَلَوْ لَمْ يَجُزِ الدُّعَاءُ بِهَذَا اللَّفْظِ مَا ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِهِمْ، وَهَكَذَا جَرَتِ الْعَادَةُ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ بِالاِبْتِدَاءِ بِهَذَا الدُّعَاءِ، حَيْثُ يَقُولُونَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَعَنْ وَالِدَيْكَ إِلَى آخِرِهِ.
وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، بَل اسْتَحْسَنُوا الدُّعَاءَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَكَانُوا يُعَلِّمُونَ ذَلِكَ لِتَلاَمِذَتِهِمْ، فَعَلَيْهِ عَمَل الأُْمَّةِ (1) .

د - الْمُحَافَظَةُ عَلَى كِتَابَةِ التَّرَضِّي:
7 - يَنْبَغِي أَنْ يُحَافَظَ عَلَى كِتَابَةِ التَّرَضِّي عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَسَائِرِ الأَْخْيَارِ، وَلاَ يَسْأَمُ مِنْ تَكْرَارِهِ، وَمَنْ أَغْفَلَهُ حُرِمَ حَظًّا عَظِيمًا، وَإِذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ بِالتَّرَضِّي كَانَتِ الْعِنَايَةُ بِهِ أَشَدَّ (2) .

هـ - مَا يَجِبُ عَلَى سَامِعِ التَّرَضِّي:
8 - يَنْبَغِي لِسَامِعِ التَّرَضِّي عَنِ الصَّحَابَةِ وَلَوْ حَال الْخُطْبَةِ أَنْ يَتَرَضَّى عَنْهُمْ، كَمَا يَنْبَغِي لِسَامِعِ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأَِنَّهُ أَفْضَل مِنَ الإِْنْصَاتِ (3) .
وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (خُطْبَةٌ) .
__________
(1) ذيل الجواهر المضية 2 / 557، 558، وابن عابدين 1 / 35، ونهاية المحتاج 1 / 48، والمجموع 1 / 14.
(2) تدريب الراوي ص 292، 293 ط المكتبة العلمية.
(3) بغية المسترشدين ص 83 ط مصطفى البابي الحلبي.

الصفحة 197