كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

الثَّانِي: الْمُكَلَّفُ بِهِ الْمُثَابُ عَلَيْهِ، وَهُوَ التَّرْكُ بِقَصْدِ الاِمْتِثَال.
الثَّالِثُ: عَدَمُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ؛ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْمُكَلَّفِ عَلَيْهِ (1) . وَانْظُرِ الْمُلْحَقَ الأُْصُولِيَّ.

ج التَّرْكُ وَسِيلَةٌ لِبَيَانِ الأَْحْكَامِ:
7 - قَدْ يَكُونُ التَّرْكُ وَسِيلَةً لِبَيَانِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، يَقُول الْقَرَافِيُّ: الْبَيَانُ إِمَّا بِالْقَوْل أَوْ بِالْفِعْل كَالْكِتَابَةِ وَالإِْشَارَةِ، أَوْ بِالدَّلِيل الْعَقْلِيِّ، أَوْ بِالتَّرْكِ.
وَالتَّرْكُ يُبَيَّنُ بِهِ حُكْمُ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمَنْدُوبِ (2) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

ثَانِيًا - التَّرْكُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
أ - تَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ:
8 - الْمُحَرَّمَاتُ الَّتِي نَهَى الشَّرْعُ عَنْهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ عَمَل الْجَوَارِحِ كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْل وَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، أَمْ كَانَتْ مِنْ عَمَل الْقَلْبِ كَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ. هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتُ يَجِبُ
__________
(1) هامش جمع الجوامع 1 / 69.
(2) الذخيرة ص 100، وهامش الفروق 4 / 220، والمستصفى 2 / 223، والموافقات للشاطبي 3 / 319 - 321.
تَرْكُهَا امْتِثَالاً لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ مِنَ الشَّرْعِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى} (1) ، وقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} (2) وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قِيل: وَمَا هُنَّ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْل النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْل مَال الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَأَكْل الرِّبَا، وَشَهَادَةُ الزُّورِ (3) .
يَقُول الْفُقَهَاءُ: يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ كَفُّ الْجَوَارِحِ عَنِ الْحَرَامِ، وَكَفُّ الْقَلْبِ عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِْثْمِ وَبَاطِنَهُ} (4) وَفِعْل الْمُحَرَّمَاتِ مَعْصِيَةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْعُقُوبَةُ الْمُقَرَّرَةُ لِكُل مَعْصِيَةٍ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَدًّا كَمَا فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، أَمْ كَانَتْ قِصَاصًا كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ، أَمْ كَانَتْ تَعْزِيرًا كَمَا فِي الْمَعَاصِي الَّتِي لاَ حَدَّ فِيهَا (5) .
__________
(1) سورة الإسراء / 32.
(2) سورة الأنعام / 151.
(3) حديث: " اجتنبوا السبع الموبقات. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 393 - ط السلفية) ومسلم (1 / 92 - ط الحلبي) .
(4) سورة الأنعام / 120.
(5) الاختيار 4 / 79، والشرح الصغير 4 / 735، والفروق للقرافي 1 / 121، 122، والتبصرة بهامش فتح العلي 2 / 133، 134، 294، والأحكام السلطانية للماوردي / 221، والأذكار للنووي / 284، والمغني 7 / 635 و 8 / 156، 215، 240، والآداب الشرعية 1 / 58.

الصفحة 200