كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

وَلِلتَّفْصِيل تُنْظَرُ أَحْكَامُ (الْخِيَارِ، وَالشُّفْعَةِ)

د - حُقُوقٌ مَالِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِمَال الْمُوَرِّثِ، لاَ بِشَخْصِهِ وَلاَ بِإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ،
وَهَذِهِ حُقُوقٌ تُورَثُ عَنْهُ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ كَحَقِّ الرَّهْنِ، وَحُقُوقِ الاِرْتِفَاقِ الْمَعْرُوفَةِ، كَحَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الشُّرْبِ وَحَقِّ الْمَجْرَى وَحَقِّ التَّعَلِّي.
4 - فَيَدْخُل فِي التَّرِكَةِ مَا كَانَ لِلإِْنْسَانِ حَال حَيَاتِهِ، وَخَلَّفَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ، مِنْ مَالٍ أَوْ حُقُوقٍ أَوِ اخْتِصَاصٍ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْقِصَاصِ وَالْوَلاَءِ وَحَدِّ الْقَذْفِ.
وَكَذَا مَنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ شَيْءٍ مِنَ الأَْشْيَاءِ كَدَارٍ مَثَلاً، كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لَهُ حَال حَيَاتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ فِي الْوَصِيَّةِ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ مِنَ التَّرِكَةِ أَيْضًا مَا دَخَل فِي مِلْكِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، بِسَبَبٍ كَانَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، كَصَيْدٍ وَقَعَ فِي شَبَكَةٍ نَصَبَهَا فِي حَيَاتِهِ، فَإِنَّ نَصْبَهُ لِلشَّبَكَةِ لِلاِصْطِيَادِ هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ،
وَكَمَا لَوْ مَاتَ عَنْ خَمْرٍ فَتَخَلَّلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ (1) .
قَال الْقَرَافِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ يُرْوَى عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) الدسوقي 4 / 461، 470، ومغني المحتاج 3 / 3، وبجيرمي على المنهج 3 / 257، والمهذب 1 / 383، وكشاف القناع 4 / 402، وبداية المجتهد 2 / 260، والمغني 5 / 346 - 347، وابن عابدين 5 / 482 وما بعدها.
أَنَّهُ قَال: مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَرَثَتِهِ (1) وَهَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ، بَل مِنَ الْحُقُوقِ مَا يُنْقَل إِلَى الْوَارِثِ، وَمِنْهَا مَا لاَ يَنْتَقِل. فَمِنْ حَقِّ الإِْنْسَانِ أَنْ يُلاَعِنَ عِنْدَ سَبَبِ اللِّعَانِ، وَأَنْ يَفِيءَ بَعْدَ الإِْيلاَءِ، وَأَنْ يَعُودَ بَعْدَ الظِّهَارِ، وَأَنْ يَخْتَارَ مِنْ نِسْوَةٍ إِذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ وَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَأَنْ يَخْتَارَ إِحْدَى الأُْخْتَيْنِ إِذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا، وَإِذَا جَعَل الْمُتَبَايِعَانِ الْخِيَارَ لأَِجْنَبِيٍّ عَنِ الْعَقْدِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَمْلِكَ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ عَلَيْهِمَا أَوْ فَسْخَهُ، وَمِنْ حَقِّهِ مَا فُوِّضَ إِلَيْهِ مِنَ الْوِلاَيَاتِ وَالْمَنَاصِبِ كَالْقِصَاصِ وَالإِْمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَالأَْمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ. فَجَمِيعُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لاَ يَنْتَقِل لِلْوَارِثِ مِنْهَا شَيْءٌ وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً لِلْمُوَرِّثِ. وَالضَّابِطُ: أَنَّهُ يَنْتَقِل إِلَيْهِ كُل مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَال، أَوْ يَدْفَعُ ضَرَرًا عَنِ الْوَارِثِ فِي عِرْضِهِ بِتَخْفِيفِ أَلَمِهِ. أَمَّا مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الْمُوَرِّثِ وَعَقْلِهِ وَشَهَوَاتِهِ فَلاَ يَنْتَقِل لِلْوَارِثِ.
وَالسِّرُّ فِي الْفَرْقِ: أَنَّ الْوَرَثَةَ يَرِثُونَ الْمَال، فَيَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَبَعًا لَهُ، وَلاَ يَرِثُونَ عَقْلَهُ وَلاَ شَهْوَتَهُ وَلاَ نَفْسَهُ، فَلاَ يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَمَا لاَ يُورَثُ لاَ يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَاللِّعَانُ يَرْجِعُ إِلَى أَمْرٍ يَعْتَقِدُهُ لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ غَالِبًا، وَالاِعْتِقَادَاتُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْمَال، وَالْفَيْئَةُ شَهْوَتُهُ، وَالْعَوْدُ إِرَادَتُهُ، وَاخْتِيَارُ الأُْخْتَيْنِ وَالنِّسْوَةِ
__________
(1) حديث: " من مات وترك مالا فماله لموالي العصبة. . . " أخرجه البخاري (12 / 27 - الفتح - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.

الصفحة 208