كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

ج - أَنْ يَأْذَنَ الْقَاضِي بِالتَّصَرُّفِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْقَاضِيَ بِمَا لَهُ مِنَ الْوِلاَيَةِ الْعَامَّةِ يَمْلِكُ الإِْذْنَ لِلْوَرَثَةِ بِالْبَيْعِ لِجَمِيعِ التَّرِكَةِ أَوْ بَعْضِهَا. (1)
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى - وَهُمُ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ يَبْدَأُ مِنْ وَقْتِ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ، سَوَاءٌ كَانَتِ التَّرِكَةُ مَدِينَةً أَمْ لاَ - فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَارِثِ بِالْبَيْعِ أَوِ الْهِبَةِ مَعَ اسْتِغْرَاقِ التَّرِكَةِ بِالدَّيْنِ لاَ يَنْفُذُ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمَيِّتِ، أَذِنَ الدَّائِنُ أَمْ لاَ، إِلاَّ إِذَا كَانَ التَّصَرُّفُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ. (2)
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْهِبَةِ، وَإِلَى بَيْعٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَمُصْطَلَحِ: (دَيْنٌ) .

تَصْفِيَةُ التَّرِكَةِ:
36 - تَقَدَّمَ الْكَلاَمُ حَوْل تَصَرُّفِ الْوَارِثِينَ الْبَالِغِينَ فِي التَّرِكَةِ قِسْمَةً أَوْ بَيْعًا، أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ قُصَّرًا: فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا يَكُونُ رَاجِعًا لِلْوَصِيِّ إِنْ كَانَ، أَوْ لِلْقَاضِي إِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ، وَذَلِكَ لِضَمَانِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ مِنْ جِهَةٍ، وَلِحِفْظِ أَمْوَال الْوَرَثَةِ الضُّعَفَاءِ كَيْ لاَ يُظْلَمُوا مِنْ غَيْرِهِمْ.
__________
(1) جامع الفصولين 2 / 32، 37، والمدونة الكبرى 5 / 207، 208 ط الساسي.
(2) حاشية البجيرمي على منهج الطلاب 2 / 400 وما بعدها، والمغني 4 / 328 مطابع سجل العرب، و 12 / 104 وما بعدها مع الشرح الكبير.
وَلِتَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ يُنْظَرُ (الْوَصِيَّةُ) وَمُصْطَلَحُ: (إِيصَاءٌ) .

التَّرِكَةُ الَّتِي لاَ وَارِثَ لَهَا:
37 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّرِكَةِ الَّتِي لاَ وَارِثَ لَهَا، أَوْ لَهَا وَارِثٌ لاَ يَرِثُهَا جَمِيعَهَا، فَمَنْ قَال مِنَ الْفُقَهَاءِ بِالرَّدِّ قَال: لاَ تَئُول التَّرِكَةُ إِلَى بَيْتِ الْمَال مَا دَامَ لَهَا وَارِثٌ. وَمَنْ لاَ يَرَى الرَّدَّ مِنَ الْفُقَهَاءِ قَال: إِنَّ بَيْتَ الْمَال يَرِثُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ، أَوْ مَا بَقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ.
وَإِذَا آلَتِ التَّرِكَةُ إِلَى بَيْتِ الْمَال كَانَتْ عَلَى سَبِيل الْفَيْءِ لاَ الإِْرْثِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ حَقَّ بَيْتِ الْمَال هُنَا هُوَ عَلَى سَبِيل الْمِيرَاثِ، أَيْ عَلَى سَبِيل الْعُصُوبَةِ. (1)
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (إِرْثٌ، وَبَيْتُ الْمَال) .
__________
(1) ابن عابدين 5 / 488، والقليوبي 3 / 136 - 137، والمغني 5 / 684، والعذب الفائض 1 / 19.

الصفحة 226