كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

كَعِمَارَةِ الْوَقْفِ، ثُمَّ يَرُدُّهَا بَعْدَ التَّعْمِيرِ إِلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ.
3 - فَإِذَا امْتَنَعَ عَنِ الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ يُؤَجِّرُهَا الْمُتَوَلِّي وَيُعَمِّرُهَا مِنْ غَلَّتِهَا؛ لأَِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ لِلْغَلَّةِ.
وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ وَامْتَنَعَ مِنْ عِمَارَتِهَا يَنْصِبُ غَيْرَهُ لِيُعَمِّرَهَا، أَوْ يُعَمِّرُهَا الْحَاكِمُ. وَلَوْ احْتَاجَ الْخَانُ (1) الْمَوْقُوفُ إِلَى الْمَرَمَّةِ آجَرَ بَيْتًا أَوْ بَيْتَيْنِ مِنْهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ، أَوْ يُؤْذَنُ لِلنَّاسِ بِالنُّزُول فِيهِ سَنَةً، وَيُؤَجَّرُ سَنَةً أُخْرَى، وَيُرَمُّ مِنْ أُجْرَتِهِ. (2)
وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ إِصْلاَحَ الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ. فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ إِصْلاَحَهُ يُلْغَى الشَّرْطُ، وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ، وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ. فَإِنْ أَصْلَحَ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الإِْصْلاَحُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ لاَ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا.
فَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ، وَيَتْرُكَ إِصْلاَحَ مَا تَهَدَّمَ مِنْهُ، أَوْ يَتْرُكَ الإِْنْفَاقَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ حَيَوَانًا بَطَل شَرْطُهُ، وَتَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِمَرَمَّتِهِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ. (3)
وَلَمَّا كَانَتْ رَقَبَةُ الْوَقْفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْوَاقِفِ وَالْغَلَّةُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إِذَا خَرِبَ الْوَقْفُ فَلِلْوَاقِفِ إِنْ كَانَ حَيًّا - وَلِوَارِثِهِ إِنْ مَاتَ - مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إِصْلاَحَهُ إِذَا خَرِبَ أَوِ احْتَاجَ
__________
(1) مكان عام لنزول المسافرين وإيواء دوابهم وبضائعهم.
(2) ابن عابدين 3 / 376 - 382.
(3) الشرح الكبير 4 / 89 - 92، وجواهر الإكليل 2 / 209.
لِلإِْصْلاَحِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلأَِنَّ إِصْلاَحَ الْغَيْرِ مَظِنَّةٌ لِتَغْيِيرِ مَعَالِمِهِ، وَهَذَا إِذَا أَصْلَحَهُ الْوَاقِفُ أَوْ وَرَثَتُهُ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَهُمُ الْمَنْعُ، بَل الأَْوْلَى لَهُمْ تَمْكِينُ مَنْ أَرَادَ بِنَاءَهُ إِذَا خَرِبَ؛ لأَِنَّهُ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ.
وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا هِيَ فَقَدِ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَطْعًا. (1)
وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ، وَلَمْ يُعَمِّرْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ مَالٌ كَانَتْ عِمَارَتُهُ فِي مَال الْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُوجِرَ وَعُمِّرَ مِنْ أُجْرَتِهِ. فَإِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُ الْوَقْفِ وَكَانَ حَيَوَانًا كَخَيْل الْجِهَادِ، فَالنَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَال.
أَمَّا عِمَارَةُ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ فَلاَ تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِخِلاَفِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ. وَرَيْعُ الأَْعْيَانِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ إِذَا انْهَدَمَ وَتُوُقِّعَ عَوْدُهُ حُفِظَ لَهُ، وَإِلاَّ فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إِلَيْهِ، وَإِلاَّ فَمُنْقَطِعُ الآْخِرِ فَيُصْرَفُ لأَِقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
4 - أَمَّا غَيْرُ الْمُنْهَدِمِ فَمَا فَضَل مِنْ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مَصَالِحِهِ يُشْتَرَى بِهَا عَقَارٌ وَيُوقَفُ عَلَيْهِ، بِخِلاَفِ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ يَجِبُ ادِّخَارُهُ
__________
(1) الشرح الكبير 4 / 47.

الصفحة 228