كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

لأَِجْلِهَا، وَإِلاَّ لَمْ يَعُدْ مِنْهُ شَيْءٌ لأَِجْلِهَا؛ لأَِنَّهُ يُعَرَّضُ لِلضَّيَاعِ أَوْ لِظَالِمٍ يَأْخُذُ.
5 - وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَرْجِعُ عِنْدَهُمْ إِلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الإِْنْفَاقِ عَلَى الْوَقْفِ وَفِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ، لأَِنَّهُ ثَبَتَ بِوَقْفِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُتْبَعَ فِيهِ شَرْطُهُ. فَإِنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ الإِْنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا عَمِل بِهِ رُجُوعًا إِلَى شَرْطِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ - وَكَانَ الْمَوْقُوفُ ذَا رُوحٍ كَالْخَيْل - فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي تَحْبِيسَ الأَْصْل وَتَسْبِيل مَنْفَعَتِهِ، وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ إِلاَّ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَتِهِ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْقُوفِ غَلَّةٌ لِضَعْفٍ بِهِ وَنَحْوِهِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُمْ يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ إِلَى مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ آدَمِيًّا مُعَيَّنًا، مَعَ مَنْعِهِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ الإِْنْفَاقُ مِنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَنَحْوِهِمَا بِيعَ الْوَقْفُ، وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى تَكُونُ وَقْفًا لِمَحَل الضَّرُورَةِ.
وَلَوِ احْتَاجَ خَانٌ مُسَبَّلٌ إِلَى مَرَمَّةٍ، أَوِ احْتَاجَتْ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى الْحَاجِّ أَوِ الْغُزَاةِ أَوْ أَبْنَاءِ السَّبِيل وَنَحْوِهِمْ إِلَى مَرَمَّةٍ، يُؤَجَّرُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مَرَمَّتِهِ.
6 - وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِمْ كَالْفُقَهَاءِ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَال؛ لاِنْتِفَاءِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ
بَيْتِ الْمَال بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى تَكُونُ وَقْفًا. (1)
وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مِمَّا لاَ رُوحَ فِيهِ كَالْعَقَارِ وَنَحْوِهِ مِنْ سِلاَحٍ وَمَتَاعٍ وَكُتُبٍ، لَمْ تَجِبْ عِمَارَتُهُ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. فَإِنْ شَرَطَ عِمَارَتَهُ عُمِل بِشَرْطِهِ، سَوَاءٌ شَرَطَ الْبُدَاءَةَ بِالْعِمَارَةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا، فَيُعْمَل بِمَا شُرِطَ. لَكِنْ إِنْ شَرَطَ تَقْدِيمَ الْجِهَةِ عُمِل بِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى التَّعْطِيل، فَإِذَا أَدَّى إِلَيْهِ قُدِّمَتِ الْعِمَارَةُ حِفْظًا لأَِصْل الْوَقْفِ. فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْبُدَاءَةَ بِالْعِمَارَةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا، فَتُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ، مَا لَمْ يُفْضِ ذَلِكَ إِلَى تَعْطِيل مَصَالِحِهِ، فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ الإِْمْكَانِ.
وَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ لإِِصْلاَحِ بَاقِيهِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا جَازَ بَيْعُ الْكُل عِنْدَ الْحَاجَةِ فَبَيْعُ الْبَعْضِ مَعَ بَقَاءِ الْبَعْضِ أَوْلَى، إِنِ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ. (2) وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ: (وَقْفٍ) .

ثَانِيًا: التَّرْمِيمُ فِي الإِْجَارَةِ:
7 - إِذَا احْتَاجَتِ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلتَّرْمِيمِ. فَإِنَّ عِمَارَتَهَا وَإِصْلاَحَ مَا تَلِفَ مِنْهَا وَكُل مَا يُخِل بِالسُّكْنَى عَلَى الْمُؤَجِّرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَيَقُول الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ أَبَى صَاحِبُهَا أَنْ يَفْعَل كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ
__________
(1) نهاية المحتاج 5 / 386، 392 - 393، 397.
(2) كشاف القناع 4 / 265 - 268 م النصر الحديثة.

الصفحة 229