كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

رَجُلاً جَاءَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ شِبْهُ - نُحَاسٍ أَصْفَرَ - فَقَال لَهُ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الأَْصْنَامِ (1) فَطَرَحَهُ. ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمُ حَدِيدٍ فَقَال: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْل النَّارِ فَطَرَحَهُ. فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَال: اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلاَ تُتِمَّهُ مِثْقَالاً (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ التَّخَتُّمَ بِالْجِلْدِ وَالْعَقِيقِ وَالْقَصْدِيرِ وَالْخَشَبِ جَائِزٌ لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ يُبَاحُ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ التَّحَلِّي بِالْجَوْهَرِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزِ وَاللُّؤْلُؤِ، أَمَّا الْعَقِيقُ فَقِيل: يُسْتَحَبُّ تَخَتُّمُهُمَا
__________
(1) من حيث أن ذلك الخاتم من جنس ما قد يتخذ منه الصنم
(2) حديث: " إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم شبه. . . . " أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي. وقال: هذا حديث غريب. وصححه ابن حبان قال ابن حجر: في سنده أبو طيبة، قال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به، قال ابن حبان في الثقات: يخ (سنن أبي داود 4 / 428 ط عزت عبيد دعاس، وتحفة الأحوذي 5 / 483، 484 نشر السلفية، وسنن النسائي 8 / 172 ط المطبعة المصرية بالأزهر، وموارد الظمآن ص 353 نشر دار الكتب العلمية، وفتح الباري 10 / 323 ط السلفية، وعمدة القاري 22 / 33 ط المنيرية، وشرح السنة للبغوي 9 / 120، 121) .
بِهِ، وَقِيل: يُبَاحُ التَّخَتُّمُ بِالْعَقِيقِ لِمَا فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَقَدْ سُئِل الإِْمَامُ أَحْمَدُ: مَا السُّنَّةُ؟ يَعْنِي فِي التَّخَتُّمِ، فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَمْ تَكُنْ خَوَاتِيمُ الْقَوْمِ إِلاَّ مِنَ الْفِضَّةِ. قَال صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ: الدُّمْلُجُ فِي مَعْنَى الْخَاتَمِ. (1)
وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي التَّخَتُّمِ بِغَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
وَالْحَاصِل كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ: أَنَّ التَّخَتُّمَ بِالْفِضَّةِ حَلاَلٌ لِلرِّجَال بِالْحَدِيثِ، وَبِالذَّهَبِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ حَرَامٌ عَلَيْهِمُ بِالْحَدِيثِ، وَبِالْحَجَرِ حَلاَلٌ عَلَى اخْتِيَارِ شَمْسِ الأَْئِمَّةِ وَقَاضِي خَانْ أَخْذًا مِنْ قَوْل الرَّسُول وَفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأَِنَّ حِل الْعَقِيقِ لَمَّا ثَبَتَ بِهِمَا ثَبَتَ حِل سَائِرِ الأَْحْجَارِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ حَجَرٍ وَحَجَرٍ، وَحَرَامٌ عَلَى اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي أَخْذًا مِنْ عِبَارَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَلاَ يَتَخَتَّمُ إِلاَّ بِالْفِضَّةِ. فَإِنَّهَا يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الْقَصْرُ فِيهَا بِالإِْضَافَةِ إِلَى الذَّهَبِ، وَلاَ يَخْفَى مَا بَيْنَ الْمَأْخَذَيْنِ مِنَ التَّفَاوُتِ. (2)
وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا فِي التَّخَتُّمِ بِغَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَجْمُوعِ طَرَفٌ مِنْ هَذَا الْخِلاَفِ، وَهُوَ: قَال صَاحِبُ الإِْبَانَةِ: يُكْرَهُ
__________
(1) حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 2 / 357 - 359، ومطالب أولي النهى 2 / 94 - 95، كشاف القناع 2 / 237
(2) رد المحتار على الدر المختار 5 / 229 - 230

الصفحة 25