كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

يَسَارِهِ، كِلاَهُمَا صَحَّ فِعْلُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ فِي الْيَمِينِ أَفْضَل لأَِنَّهُ زِينَةٌ، وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ.
وَقَال بَعْضُهُمْ: فِي الْيَسَارِ أَفْضَل. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ، وَبِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَخَتَّمَ فِي يَمِينِهِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ التَّخَتُّمَ فِي الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (1) لِمَا وَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: نَهَانِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي أُصْبُعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ قَال: فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لُبْسُ الْخَاتَمِ فِي خِنْصَرِ الْيَسَارِ أَفْضَل مِنْ لُبْسِهِ فِي خِنْصَرِ الْيَمِينِ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَضُعِّفَ فِي رِوَايَةِ الأَْثْرَمِ وَغَيْرِهِ التَّخَتُّمُ فِي الْيُمْنَى، قَال الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمَحْفُوظُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ فِي الْخِنْصَرِ لِكَوْنِهِ طَرَفًا، فَهُوَ أَبْعَدُ عَنِ الاِمْتِهَانِ فِيمَا تَتَنَاوَلُهُ الْيَدُ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يَشْغَل الْيَدَ عَمَّا تَتَنَاوَلُهُ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لُبْسُ الْخَاتَمِ فِي سَبَّابَةٍ وَوُسْطَى لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ ذَلِكَ. وَظَاهِرُهُ
__________
(1) المجموع 4 / 462 - 463، وقليوبي وعميرة 2 / 24
(2) حديث: " نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في أصبعي. . . " أخرجه مسلم (3 / 1659 ط الحلبي)
لاَ يُكْرَهُ لُبْسُهُ فِي الإِْبْهَامِ وَالْبِنْصِرِ، وَإِنْ كَانَ الْخِنْصَرُ أَفْضَل اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ. (1)

خَامِسًا: وَزْنُ خَاتَمِ الرَّجُل:
12 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَزْنِ الْمُبَاحِ لِخَاتَمِ الرَّجُل:
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، قَال الْحَصْكَفِيُّ: لاَ يَزِيدُ الرَّجُل خَاتَمَهُ عَلَى مِثْقَالٍ. (2)
وَرَجَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ قَوْل صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لاَ يَبْلُغُ بِهِ الْمِثْقَال، وَاسْتَدَل بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً سَأَل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلاً: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ - يَعْنِي الْخَاتَمَ - فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ، وَلاَ تُتِمَّهُ مِثْقَالاً (3) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ لِلذَّكَرِ لُبْسُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ إِنْ كَانَ وَزْنَ دِرْهَمَيْنِ (4) شَرْعِيَّيْنِ أَوْ أَقَل، فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمَيْنِ حَرُمَ. (5)
وَلَمْ يُحَدِّدِ الشَّافِعِيَّةُ وَزْنًا لِلْخَاتَمِ الْمُبَاحِ، قَال
__________
(1) كشاف القناع 2 / 236، ومطالب أولي النهى 2 / 92
(2) المثقال هو وزن الدينار الإسلامي من الذهب ويعادل 4. 25 جراما
(3) رد المحتار على الدر المختار 5 / 229 - 230 والحديث سبق تخريجه (ف / 10)
(4) وزن الدرهم الشرعي يعادل 2. 975 جراما
(5) جواهر الإكليل 1 / 10

الصفحة 27