كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الأَْصْحَابُ لِمِقْدَارِ الْخَاتَمِ الْمُبَاحِ، وَلَعَلَّهُمُ اكْتَفَوْا فِيهِ بِالْعُرْفِ، أَيْ عُرْفِ الْبَلَدِ وَعَادَةِ أَمْثَالِهِ فِيهَا، فَمَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ إِسْرَافًا. . . هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَال الأَْذْرَعِيُّ: الصَّوَابُ ضَبْطُهُ بِدُونِ مِثْقَالٍ؛ لِمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِلاَبِسِ الْخَاتَمِ الْحَدِيدِ: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْل النَّارِ فَطَرَحَهُ وَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَال: اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلاَ تُتِمَّهُ مِثْقَالاً (1) قَال: وَلَيْسَ فِي كَلاَمِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ. وَهَذَا لاَ يُنَافِي مَا ذُكِرَ لاِحْتِمَال أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عُرْفَ بَلَدِهِ وَعَادَةَ أَمْثَالِهِ. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ بَأْسَ بِجَعْلِهِ مِثْقَالاً فَأَكْثَرَ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْدِيدٌ، مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْعَادَةِ، وَإِلاَّ حَرُمَ (قَالُوا) لأَِنَّ الأَْصْل التَّحْرِيمُ، وَإِنَّمَا خَرَجَ الْمُعْتَادُ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْل الصَّحَابَةِ. (3)

سَادِسًا: عَدَدُ خَوَاتِمِ الرَّجُل:
13 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ تَعَدُّدِ خَوَاتِمِ الرَّجُل:
فَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُبَاحُ لِلرَّجُل أَكْثَرُ
__________
(1) حديث: " مالي أرى عليك حلية أهل النار. . . " سبق تخريجه (ف / 10)
(2) مغني المحتاج 1 / 392
(3) كشاف القناع 2 / 236
مِنْ خَاتَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْخَاتَمُ حَرُمَ وَلَوْ كَانَ فِي حُدُودِ الْوَزْنِ الْمُبَاحِ شَرْعًا. (1)
وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ فِي تَعَدُّدِ الْخَاتَمِ، وَنَقَل صَاحِبُ مُغْنِي الْمُحْتَاجِ جَانِبًا مِنْ هَذَا الْخِلاَفِ فِي قَوْلِهِ: وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ اتَّخَذَ الرَّجُل خَوَاتِيمَ كَثِيرَةً لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ جَازَ، فَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ فِي الاِتِّخَاذِ دُونَ اللُّبْسِ، وَفِيهِ خِلاَفٌ مَشْهُورٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِيهِ أَنَّهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى سَرَفٍ. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوِ اتَّخَذَ الرَّجُل لِنَفْسِهِ عِدَّةَ خَوَاتِيمَ، فَالأَْظْهَرُ جَوَازُهُ إِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْعَادَةِ، وَالأَْظْهَرُ جَوَازُ لُبْسِ الرَّجُل خَاتَمَيْنِ فَأَكْثَرَ جَمِيعًا إِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْعَادَةِ. (3)
وَلَمْ نَجِدْ كَلاَمًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

سَابِعًا: النَّقْشُ عَلَى الْخَاتَمِ:
14 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ النَّقْشِ عَلَى الْخَاتَمِ، وَعَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْشُ اسْمِ صَاحِبِ الْخَاتَمِ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي نَقْشِ لَفْظِ الْجَلاَلَةِ أَوِ الذِّكْرِ:
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ أَنْ يَنْقُشَ لَفْظَ الْجَلاَلَةِ أَوْ أَلْفَاظَ الذِّكْرِ عَلَى الْخَاتَمِ، وَلَكِنَّهُ
__________
(1) جواهر الإكليل 1 / 10
(2) مغني المحتاج 1 / 392
(3) كشاف القناع 2 / 238

الصفحة 28