كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

الْجُمُعَةِ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ سُنَنِ الْخُطْبَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَيَجْعَلُهَا بِيَمِينِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي يَدِهِ الْيُسْرَى كَعَادَةِ مَنْ يُرِيدُ الضَّرْبَ بِالسَّيْفِ وَالرَّمْيَ بِالْقَوْسِ، وَيَشْغَل يَدَهُ الْيُمْنَى بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ. وَجَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ: أَنْ يَجْعَلَهَا بِإِحْدَى يَدَيْهِ، إِلاَّ أَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ ذَكَرَ أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ بِالْيُسْرَى وَيَعْتَمِدُ بِالأُْخْرَى عَلَى حَرْفِ الْمِنْبَرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يَجْعَل الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ يُرْسِلُهُمَا وَلاَ يَعْبَثُ بِهِمَا. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - كَمَا جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ - إِلَى كَرَاهَةِ اتِّكَاءِ الْخَطِيبِ عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا يَتَقَلَّدُ الْخَطِيبُ السَّيْفَ فِي كُل بَلْدَةٍ فُتِحَتْ بِهِ. (2)
وَمِثْل الْعَصَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْقَوْسُ وَالسَّيْفُ، وَالْعَصَا أَوْلَى مِنَ الْقَوْسِ وَالسَّيْفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَوْسِ كَمَا جَاءَ فِي الدُّسُوقِيِّ قَوْسُ النُّشَّابِ، وَهِيَ الْقَوْسُ الْعَرَبِيَّةُ لِطُولِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا، لاَ الْعَجَمِيَّةُ لِقِصَرِهَا وَعَدَمِ اسْتِقَامَتِهَا.
وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى
__________
(1) حاشية قليوبي 1 / 282 - 283 ط. حلبي، وكشاف القناع 2 / 36 ط النصر، والزرقاني 2 / 60 ط الفكر
(2) الفتاوى الهندية 1 / 148 ط المكتبة الإسلامية
مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنَ اتِّكَاءِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِخْصَرَةِ فِي حَال الْخُطْبَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ حَزْنٍ: قَال: وَفَدْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدْنَا مَعَهُ الْجُمُعَةَ، فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى سَيْفٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ عَصَا مُخْتَصِرًا (1) .
قَال مَالِكٌ: وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لِلأَْئِمَّةِ أَصْحَابِ الْمَنَابِرِ أَنْ يَخْطُبُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعَهُمُ الْعَصَا، يَتَوَكَّئُونَ عَلَيْهَا فِي قِيَامِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا. (2)
__________
(1) حديث الحكم بن حزن أخرجه أبو داود (1 / 659 - ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في التلخيص (2 / 65 - شركة الطباعة الفنية)
(2) جواهر الإكليل 1 / 97 ط دار المعرفة، وحاشية الدسوقي 1 / 382 - 383 ط الفكر، والزرقاني 2 / 60 ط الفكر، والمدونة الكبرى 1 / 151 ط دار صادر، وروضة الطالبين 2 / 32 ط المكتب الإسلامي، وحاشية قليوبي 1 / 282 - 283 ط حلبي، وكشاف القناع 2 / 36 النصر، والإنصاف 2 / 397 ط التراث، وانظر ما جاء في المغني 2 / 309 الرياض

الصفحة 43