كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ أَنَّ التَّخْلِيل فِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ آكَدُ، وَعَلَّلُوا اسْتِحْبَابَ التَّخْلِيل بِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إِزَالَةِ الدَّرَنِ وَالْوَسَخِ مِنْ بَيْنِ الأَْصَابِعِ. (1)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ إِلَى وُجُوبِ التَّخْلِيل فِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَاسْتِحْبَابِهِ فِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، وَقَالُوا: إِنَّمَا وَجَبَ تَخْلِيل أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ دُونَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ لِعَدَمِ شِدَّةِ الْتِصَاقِهَا، فَأَشْبَهَتِ الأَْعْضَاءَ الْمُسْتَقِلَّةَ، بِخِلاَفِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ لِشِدَّةِ الْتِصَاقِهَا، فَأَشْبَهَ مَا بَيْنَهَا الْبَاطِنُ.
وَفِي الْقَوْل الآْخَرِ عِنْدَهُمْ: يَجِبُ التَّخْلِيل فِي الرِّجْلَيْنِ كَالْيَدَيْنِ.
وَمُرَادُ الْمَالِكِيَّةِ بِوُجُوبِ التَّخْلِيل إِيصَال الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ بِالدَّلْكِ. (2)
3 - وَكَذَلِكَ يُسَنُّ تَخْلِيل أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْغُسْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، حَيْثُ ذَكَرُوا فِي بَيَانِ الْغُسْل الْكَامِل الْمُشْتَمِل عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَامِلاً قَبْل أَنْ يَحْثُوَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ (3) وَقَدْ
__________
(1) ابن عابدين 1 / 80، ومغني المحتاج 1 / 60، والمغني لابن قدامة 1 / 108، وكشاف القناع 1 / 102
(2) الدسوقي مع الشرح الكبير 1 / 89، والفواكه الدواني 1 / 163، 166، والشرح الصغير 1 / 106، 107
(3) حديث: " ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة. . . " لفعله صلى الله عليه وسلم كما ذكرت عائشة. أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 360 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 254 ط عيسى الحلبي)
سَبَقَ أَنَّ تَخْلِيل الأَْصَابِعِ سُنَّةٌ عِنْدَهُمْ فِي الْوُضُوءِ، فَكَذَلِكَ فِي الْغُسْل. (1)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ إِلَى وُجُوبِ تَخْلِيل أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ كَأَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي الْغُسْل؛ لأَِنَّهُ يَتَأَكَّدُ فِيهِ الْمُبَالَغَةُ عَلَى خِلاَفِ مَا قَالُوا فِي الْوُضُوءِ مِنِ اسْتِحْبَابِ تَخْلِيل أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ. (2)

ب - تَخْلِيل الأَْصَابِعِ فِي التَّيَمُّمِ:
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي أَنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَرْضٌ فِي التَّيَمُّمِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (3)
كَذَلِكَ يَجِبُ تَعْمِيمُ وَاسْتِيعَابُ مَحَل الْفَرْضِ بِغَيْرِ خِلاَفٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِوُجُوبِ نَزْعِ الْخَاتَمِ وَالسِّوَارِ إِذَا كَانَا ضَيِّقَيْنِ يُخْشَى عَدَمُ وُصُول الْغُبَارِ إِلَى مَا تَحْتَهُمَا، حَتَّى إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا بِوُجُوبِ نَزْعِ الْخَاتَمِ، وَلَوْ كَانَ وَاسِعًا، وَإِلاَّ كَانَ حَائِلاً.
وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ تَخْلِيل أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ إِنْ لَمْ يَدْخُل بَيْنَهَا غُبَارٌ، أَوْ لَمْ تُمْسَحْ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
__________
(1) ابن عابدين 1 / 105، ونهاية المحتاج 1 / 208، وكشاف القناع 1 / 152
(2) الفواكه الدواني 1 / 166
(3) سورة المائدة / 6

الصفحة 50