كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

وَشُرُوطٌ خَاصَّةٌ بِصُوَرِ التَّخَارُجِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الصُّوَرِ، وَسَتُذْكَرُ عِنْدَ بَيَانِهَا.

أَمَّا الشُّرُوطُ الْعَامَّةُ فَهِيَ:
7 - أ - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّخَارُجِ أَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ - مَحَل التَّخَارُجِ - مَعْلُومَةً، إِذِ التَّخَارُجُ فِي الْغَالِبِ بَيْعٌ فِي صُورَةِ صُلْحٍ، وَبَيْعُ الْمَجْهُول لاَ يَجُوزُ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْهُ، وَذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَ الْوُصُول إِلَى مَعْرِفَةِ التَّرِكَةِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الْوُصُول إِلَى مَعْرِفَتِهَا جَازَ الصُّلْحُ عَنِ الْمَجْهُول، كَمَا إِذَا صَالَحَتِ الزَّوْجَةُ عَنْ صَدَاقِهَا، وَلاَ عِلْمَ لَهَا وَلاَ لِلْوَرَثَةِ بِمَبْلَغِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ لاَ يُجِيزُونَ الصُّلْحَ عَنِ الْمَجْهُول. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ جَوَازُ الصُّلْحِ عَنِ الْمَجْهُول مُطْلَقًا، سَوَاءٌ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ. وَدَلِيل الصُّلْحِ عَنِ الْمَجْهُول عِنْدَ تَعَذُّرِ الْعِلْمِ بِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِرَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَوَارِيثَ دَرَسَتِ: اقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ تَحَالاَّ. (1)
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ أَعْيَانُ
__________
(1) حديث: " اقتسما وتوخيا الحق. . . ". أخرجه أحمد وأبو داود من حديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعا. والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري. وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن. (مسند أحمد بن حنبل 6 / 320 ط الميمنية، وعون المعبود 3 / 329 ط الهند، وشرح السنة للبغوي بتحقيق شعيب الأرناؤوط 10 / 113 نشر المكتب الإسلامي) .
التَّرِكَةِ مَعْلُومَةً فِيمَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ؛ لأَِنَّهُ لاَ حَاجَةَ فِيهِ إِلَى التَّسْلِيمِ، وَبَيْعُ مَا لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ جَائِزٌ، كَمَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ شَيْءٍ، فَبَاعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنَ الْمُقِرِّ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفَا قَدْرَهُ؛ وَلأَِنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا لاَ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، وَدَلِيل جَوَازِ ذَلِكَ أَثَرُ عُثْمَانَ فِي تَخَارُجِ تُمَاضِرَ امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (1) .
8 - ب - أَنْ يَكُونَ الْبَدَل مَالاً مُتَقَوِّمًا مَعْلُومًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْبَدَل مَجْهُولاً جِنْسًا أَوْ قَدْرًا أَوْ صِفَةً، وَلاَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لاَ يَصْلُحُ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، إِذْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: إِذَا كَانَ الْعِوَضُ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى تَسْلِيمٍ، وَكَانَ لاَ سَبِيل إِلَى مَعْرِفَتِهِ كَالْمُخْتَصِمِينَ فِي مَوَارِيثَ دَارِسَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الْجَهَالَةِ. (2)
9 - ج - التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ فِيمَا يُعْتَبَرُ صَرْفًا، كَالتَّخَارُجِ عَنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآْخَرِ، وَكَذَا فِيمَا إِذَا اتَّفَقَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا. وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ فِي الأَْصْل، مَعَ الاِخْتِلاَفِ
__________
(1) ابن عابدين 4 / 481، 482، والزيلعي 5 / 50، وفتح القدير 7 / 409 وما بعدها نشر دار المعرفة، والحطاب 5 / 80، 81، والشرح الصغير 2 / 147، والوجيز للغزالي 1 / 178، ونهاية المحتاج 4 / 376، والمغني 4 / 542، 543، وشرح منتهى الإرادات 2 / 263.
(2) تكملة ابن عابدين 2 / 154 وما بعدها، والبدائع 6 / 42، والتبصرة 2 / 37، والشرح الصغير 2 / 148، 149، ومنح الجليل 3 / 201، ومغني المحتاج 2 / 177، والمغني 4 / 544، وشرح منتهى الإرادات 2 / 262.

الصفحة 7