كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَْرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَ مُخَيَّرٌ فِي بَعْضِ جِنَايَاتِ الْمُحَارِبِ دُونَ بَعْضِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَهُمْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَ بِالْخِيَارِ فِي الْمُحَارِبِ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ:
أَنْ يَقْتُلَهُ بِلاَ صَلْبٍ، أَوْ أَنْ يَصْلُبَهُ مَعَ الْقَتْل، أَوْ أَنْ يَنْفِيَ الذَّكَرَ الْحُرَّ الْبَالِغَ الْعَاقِل فِي مَكَانٍ بَعِيدٍ وَيُسْجَنَ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ، أَوْ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى.
وَهَذِهِ الأَْرْبَعَةُ فِي حَقِّ الرِّجَال، أَمَّا النِّسَاءُ فَلاَ يُصْلَبْنَ وَلاَ يُنْفَيْنَ، وَحَدُّهُنَّ الْقَتْل أَوِ الْقَطْعُ.
وَتَخْيِيرُ الإِْمَامِ بَيْنَ هَذِهِ الأُْمُورِ يَكُونُ عَلَى أَسَاسِ الْمَصْلَحَةِ (2) .

ثَامِنًا: تَخْيِيرُ مُلْتَقِطِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهَا:
30 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَ مَا الْتَقَطَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ يَحْفَظَهُ أَمَانَةً إِلَى أَنْ يَظْهَرَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ فَيَدْفَعَهَا إِلَيْهِ، وَهَذَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهَا.
__________
(1) سورة المائدة / 33
(2) فتح القدير 5 / 177، وحاشية الدسوقي 4 / 439، وروضة الطالبين 10 / 156، والمغني 8 / 288
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَمْلِكُ مَا الْتَقَطَهُ حَتْمًا - كَالْمِيرَاثِ - بِمُجَرَّدِ تَمَامِ التَّعْرِيفِ بِهَا، عَلَى التَّفْصِيل الْمَذْكُورِ فِي مُصْطَلَحِ: (لُقَطَةٌ) .
وَفِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ اللُّقَطَةَ حَتَّى يَخْتَارَ التَّمَلُّكَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ، وَفِي وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (1)
وَدَلِيل التَّمَلُّكِ وَالاِنْتِفَاعِ بِمُجَرَّدِ التَّعْرِيفِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ فَقَال: عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْهَا وَفِي أُخْرَى: وَإِلاَّ فَهِيَ كَسَبِيل مَالِكَ وَفِي لَفْظٍ: ثُمَّ كُلْهَا وَفِي لَفْظٍ: فَانْتَفِعْ بِهَا وَفِي لَفْظٍ: فَشَأْنَكَ بِهَا (2)
31 - أَمَّا دَلِيل أَنَّهُ لاَ يَتَمَلَّكُ حَتَّى يَخْتَارَ فَمَا وَرَدَ فِي
__________
(1) الشرح الصغير 4 / 172، وحاشية ابن عابدين 3 / 320، والبناية شرح الهداية 6 / 23 - 26، وكشاف القناع 4 / 218، والمغني 5 / 701، والمهذب 1 / 437، وروضة الطالبين 5 / 407، ونهاية المحتاج 5 / 440
(2) حديث زيد بن خالد الجهني في اللقطة أخرج البخاري بعض هذه الروايات (فتح الباري 5 / 80، 84، 93 - ط السلفية) . ومسلم بعضها (3 / 1347، 1348، 1349، 1351 ط عيسى الحلبي) وأحمد في المسند (5 / 127 - ط الميمنية)

الصفحة 78