كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ - فِيمَنْ تَكَرَّرَ سَهْوُهُ بِحَيْثُ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى تَرْكِ جَمِيعِ وَاجِبَاتِ الصَّلاَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ سَجْدَتَانِ.
وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةً أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ، أَوْ نَسِيَ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، أَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ أَوِ التَّشَهُّدَيْنِ.
وَجَاءَ فِي الْمَنْثُورِ وَالأَْشْبَاهِ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ جُبْرَانَاتِ الصَّلاَةِ تَتَدَاخَل لاِتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَسُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ تَعَدَّدَ سَجْدَتَانِ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ بِسُجُودِ السَّهْوِ إِرْغَامُ أَنْفِ الشَّيْطَانِ، وَقَدْ حَصَل بِالسَّجْدَتَيْنِ آخِرَ الصَّلاَةِ، بِخِلاَفِ جُبْرَانَاتِ الإِْحْرَامِ فَلاَ تَتَدَاخَل؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ جَبْرُ النُّسُكِ وَهُوَ لاَ يَحْصُل إِلاَّ بِالتَّعَدُّدِ. (1)
وَقَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: إِذَا سَهَا سَهْوَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ جِنْسٍ كَفَاهُ سَجْدَتَانِ لِلْجَمِيعِ، لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ السَّهْوُ مِنْ جِنْسَيْنِ، فَكَذَلِكَ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ قَوْلاً لأَِحْمَدَ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: النَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرْنَا.
__________
(1) ابن عابدين 1 / 497 ط بولاق، والمدونة 1 / 138 ط. دار صادر، والمنثور 1 / 270 ط. الأولى، والأشباه للسيوطي / 126 ط العلمية
وَالثَّانِي: يَسْجُدُ سُجُودَيْنِ، قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: إِذَا كَانَ عَلَيْهِ سُجُودَانِ، أَحَدُهُمَا قَبْل السَّلاَمِ، وَالآْخَرُ بَعْدَهُ سَجَدَهُمَا فِي مَحَلَّيْهِمَا؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِكُل سَهْوٍ سَجْدَتَانِ (1) . وَهَذَانِ سَهْوَانِ، فَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَجْدَتَانِ؛ وَلأَِنَّ كُل سَهْوٍ يَقْتَضِي سُجُودًا، وَإِنَّمَا تَدَاخَلاَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لاِتِّفَاقِهِمَا، وَهَذَانِ مُخْتَلِفَانِ. (2)

ج - التَّدَاخُل فِي سُجُودِ التِّلاَوَةِ:
11 - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ سَجْدَةَ التِّلاَوَةِ مَبْنَاهَا عَلَى التَّدَاخُل دَفْعًا لِلْحَرَجِ.
وَالتَّدَاخُل فِيهَا تَدَاخُلٌ فِي السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ؛ لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ، فَتَنُوبُ الْوَاحِدَةُ عَمَّا قَبْلَهَا وَعَمَّا بَعْدَهَا، وَلاَ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُهَا إِلاَّ بِاخْتِلاَفِ الْمَجْلِسِ أَوِ اخْتِلاَفِ التِّلاَوَةِ (أَيِ الآْيَةِ) أَوِ السَّمَاعِ، فَمَنْ تَلاَ آيَةً وَاحِدَةً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِرَارًا تَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَدَاءُ السَّجْدَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الأُْولَى أَوْلَى.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَنْزِل بِالْوَحْيِ فَيَقْرَأُ آيَةَ السَّجْدَةِ
__________
(1) حديث: " لكل سهو سجدتان ". أخرجه أبو داود (1 / 1038 - ط تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث ثوبان، وأصله في صحيح مسلم (1 / 402 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود
(2) المغني 2 / 39 - 40 ط الرياض

الصفحة 86