كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْمَعُ وَيَتَلَقَّنُ، ثُمَّ يَقْرَأُ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَكَانَ لاَ يَسْجُدُ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً (1) .
وَإِنْ تَلاَهَا فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ فَسَجَدَ، ثُمَّ دَخَل فِي الصَّلاَةِ فَتَلاَهَا فِيهَا، سَجَدَ أُخْرَى. وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ أَوَّلاً كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ؛ لأَِنَّ الصَّلاَتِيَّةَ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهَا، فَتَسْتَتْبِعُ غَيْرَهَا وَإِنِ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ. وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ فِي الصَّلاَةِ سَقَطَتَا فِي الأَْصَحِّ. (2)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ تَكْرِيرُ سَجْدَةِ التِّلاَوَةِ، إِنْ كَرَّرَ حِزْبًا فِيهِ سَجْدَةً، وَلاَ تَكْفِيهِ السَّجْدَةُ الأُْولَى؛ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ، بِاسْتِثْنَاءِ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فَقَطْ عِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ، خِلاَفًا لأََصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلَيْنِ بِعَدَمِ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا وَلاَ فِي أَوَّل مَرَّةٍ.
وَمَحَل الْخِلاَفِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ إِذَا حَصَل التَّكْرِيرُ لِحِزْبٍ فِيهِ سَجْدَةٌ، وَأَمَّا قَارِئُ
__________
(1) حديث: " كان يسمع ويتلقن ثم يقرأ. . . " يدل على ذلك حديث البخاري عن ابن عباس " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه ". فهذا شامل للآيات التي فيها سجدات وقد كان يسجد فيها سجدة واح (فتح الباري 1 / 29)
(2) ابن عابدين 1 / 520، 521 ط. بولاق، بدائع الصنائع 1 / 181 ط. الجمالية، وتبيين الحقائق 1 / 207 ط. دار المعرفة، والبحر الرائق 2 / 135، 136 ط. العلمية، والاختيار 1 / 76 ط. دار المعرفة
الْقُرْآنِ بِتَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ جَمِيعَ سَجَدَاتِهِ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ وَفِي الصَّلاَةِ، حَتَّى لَوْ قَرَأَهُ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُعَلِّمًا أَمْ مُتَعَلِّمًا اتِّفَاقًا. (1)
وَجَاءَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا قَرَأَ آيَاتِ السَّجَدَاتِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، سَجَدَ لِكُل وَاحِدَةٍ، وَمِثْل ذَلِكَ قِرَاءَتُهُ الآْيَةَ الْوَاحِدَةَ فِي مَجْلِسَيْنِ.
فَلَوْ كَرَّرَ الآْيَةَ الْوَاحِدَةَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلْمَرَّةِ الأُْولَى كَفَاهُ سُجُودٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ سَجَدَ لِلأُْولَى فَثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا يَسْجُدُ مَرَّةً أُخْرَى لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ، وَالثَّانِي تَكْفِيهِ الأُْولَى، وَالثَّالِثُ إِنْ طَال الْفَصْل سَجَدَ أُخْرَى، وَإِلاَّ فَتَكْفِيهِ الأُْولَى.
وَلَوْ كَرَّرَ الآْيَةَ الْوَاحِدَةَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ فَكَالْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَكَالْمَجْلِسَيْنِ. وَلَوْ قَرَأَ مَرَّةً فِي الصَّلاَةِ، وَمَرَّةً خَارِجَهَا فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَسَجَدَ لِلأُْولَى، فَلَمْ يَرَ النَّوَوِيُّ فِيهِ نَصًّا لِلأَْصْحَابِ، وَإِطْلاَقُهُمْ يَقْتَضِي طَرْدَ الْخِلاَفِ فِيهِ. (2)
__________
(1) جواهر الإكليل 1 / 73 ط دار المعرفة، والدسوقي 1 / 311 ط الفكر، والزرقاني 1 / 277، 278 ط الفكر، ومواهب الجليل مع التاج والإكليل 2 / 65، 66 ط النجاح
(2) روضة الطالبين 1 / 320 - 321 ط. المكتب الإسلامي، وحاشية قليوبي 1 / 208 ط. الحلبي، ونهاية المحتاج 2 / 97 ط المكتبة الإسلامية

الصفحة 87