كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 11)

وَتَذْكُرُ كُتُبُ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا أَنَّ سُجُودَ التِّلاَوَةِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ التِّلاَوَةِ، حَتَّى فِي طَوَافٍ مَعَ قَصْرِ فَصْلٍ.
وَذَكَرَ صَاحِبُ الإِْنْصَافِ وَجْهَيْنِ فِي إِعَادَةِ سُجُودِ مَنْ قَرَأَ بَعْدَ سُجُودِهِ، وَكَذَا يَتَوَجَّهُ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ.
وَقَال ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ قَرَأَ سَجْدَةً فَسَجَدَ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي الْحَال مَرَّةً أُخْرَى، لاَ لأَِجْل السُّجُودِ، فَهَل يُعِيدُ السُّجُودَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَال الْقَاضِي فِي تَخْرِيجِهِ: إِنْ سَجَدَ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ ثُمَّ صَلَّى فَقَرَأَهَا فِيهَا أَعَادَ السُّجُودَ، وَإِنْ سَجَدَ فِي صَلاَةٍ ثُمَّ قَرَأَهَا فِي غَيْرِ صَلاَةٍ لَمْ يَسْجُدْ. وَقَال: إِذَا قَرَأَ سَجْدَةً فِي رَكْعَةٍ فَسَجَدَ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ، فَقِيل يُعِيدُ السُّجُودَ، وَقِيل لاَ. (1)

ثَالِثًا: تَدَاخُل صَوْمِ رَمَضَانَ وَصَوْمِ الاِعْتِكَافِ:
12 - مِنَ الْمُقَرَّرِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ لِصِحَّةِ الاِعْتِكَافِ مُطْلَقًا، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ صَوْمَ الاِعْتِكَافِ يَدْخُل فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الاِعْتِكَافَ سَبَبٌ لِتَوَجُّهِ الأَْمْرِ بِالصَّوْمِ، وَرُؤْيَةُ هِلاَل رَمَضَانَ هِيَ سَبَبُ تَوَجُّهِ الأَْمْرِ بِصَوْمِ رَمَضَانَ، فَيَدْخُل السَّبَبُ الَّذِي هُوَ الاِعْتِكَافُ فِي
__________
(1) كشاف القناع 1 / 449 ط. النصر، ومنتهى الإرادات 1 / 103 دار العروبة، والإنصاف 2 / 195، 196 ط التراث
السَّبَبِ الآْخَرِ وَهُوَ رُؤْيَةُ الْهِلاَل فَيَكْتَفِي بِهِ وَيَتَدَاخَل الاِعْتِكَافُ وَرُؤْيَةُ الْهِلاَل. (1)

رَابِعًا: تَدَاخُل الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لِلْقَارِنِ:
13 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالإِْمَامُ أَحْمَدَ فِيمَا اشْتُهِرَ عَنْهُ إِلَى أَنَّ مَنْ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي إِحْرَامٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَطُوفُ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَيَسْعَى لَهُمَا سَعْيًا وَاحِدًا، وَهُوَ قَوْل ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَال عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ. . . (2) . الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا؛
وَلأَِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا اجْتَمَعَتَا دَخَلَتْ أَفْعَال الصُّغْرَى فِي الْكُبْرَى كَالطَّهَارَتَيْنِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا نَاسِكٌ يَكْفِيهِ حَلْقٌ وَاحِدٌ وَرَمْيٌ وَاحِدٌ، فَكَفَاهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ كَالْفَرْدِ.
__________
(1) الفروق للقرافي، الفرق السابع والخمسون 2 / 29 ط دار المعرفة
(2) حديث: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 494 - ط السلفية)

الصفحة 88