كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ تِلْكَ صَلاَةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ فَكَرِهَ ذَلِكَ لِمَا هُوَ فِي حُكْمِ الصَّلاَةِ، حَتَّى لاَ يَقَعَ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. (1) وَكَرَاهَتُهُ فِي الصَّلاَةِ أَشَدُّ. (2)
وَلاَ يُكْرَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ التَّشْبِيكُ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَال صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلاَتَيِ الْعَشِيِّ - قَال ابْنُ سِيرِينَ: سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا - قَال: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الأَْيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلاَةُ، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ يُقَال لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ قَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاَةُ؟ قَال لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ فَقَال: أَكَمَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْل سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَل ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْل سُجُودِهِ - أَوْ أَطْوَل، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ: ثُمَّ
__________
(1) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 190.
(2) كشاف القناع 1 / 325 م النصر الحديثة.
سَلَّمَ؟ فَيَقُول: نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَال: ثُمَّ سَلَّمَ. (1)
وَلاَ بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ حَتَّى وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ، لأَِنَّ كَرَاهَتَهُ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا هِيَ فِي الصَّلاَةِ فَقَطْ، إِلاَّ أَنَّهُ خِلاَفُ الأَْوْلَى عَلَى نَحْوِ مَا وَرَدَ بِالشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَجواهر الإكليل. (2)
وَفِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الصَّلاَةِ فَالتَّشْبِيكُ لاَ بَأْسَ بِهِ حَتَّى فِي الْمَسْجِدِ. قَال ابْنُ عَرَفَةَ: وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ (أَيْ مِنْ مَالِكٍ) : لاَ بَأْسَ بِتَشْبِيكِ الأَْصَابِعِ يَعْنِي فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ. وَأَوْمَأَ دَاوُد بْنُ قَيْسٍ لِيَدِ مَالِكٍ مُشَبِّكًا أَصَابِعَهُ بِهِ (أَيْ بِالْمَسْجِدِ) لِيُطْلِقَهُ وَقَال: مَا هَذَا؟ فَقَال مَالِكٌ: إِنَّمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلاَةِ. وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: صَحَّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ تَشْبِيكُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي الْمَسْجِدِ. (3)
4 - وَأَمَّا تَشْبِيكُهَا خَارِجَ الصَّلاَةِ فِيمَا لَيْسَ مِنْ تَوَابِعِهَا: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَال سَعْيٍ إِلَيْهَا، أَوْ جُلُوسٍ فِي الْمَسْجِدِ لأَِجْلِهَا، فَإِِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ نَحْوِ إِرَاحَةِ الأَْصَابِعِ - وَلَيْسَ لِعَبَثٍ بَل لِغَرَضٍ
__________
(1) حديث: " ذي اليدين. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 555 - 566 - ط السلفية) . ومسلم (1 / 403 ط عيسى البابي) . واللفظ للبخاري.
(2) الشرح الكبير 1 / 254، وجواهر الإكليل 1 / 54.
(3) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 1 / 550 م النجاح - ليبيا.

الصفحة 17