كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

تَعَلِّي

التَّعْرِيفُ:
1 - التَّعَلِّي فِي اللُّغَةِ لَهُ مَعَانٍ، مِنْهَا: أَنَّهُ مِنَ الْعُلُوِّ، وَهُوَ: الاِرْتِفَاعُ وَعُلُوُّ كُل شَيْءٍ وَعُلْوُهُ وَعِلْوُهُ: أَرْفَعُهُ. وَعَلاَ الشَّيْءُ عُلُوًّا فَهُوَ عَلِيٌّ: ارْتَفَعَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَإِِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي: أَيْ يَتَرَفَّعُ عَلَيَّ. وَتَعَالَى: تَرَفَّعَ. وَتَعَلَّى: أَيْ عَلاَ فِي مُهْلَةٍ (1) .
وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ لاَ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا، إِذْ يُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: رَفْعُ بِنَاءٍ فَوْقَ بِنَاءٍ آخَرَ.

أَحْكَامُ حَقِّ التَّعَلِّي:
2 - حَقُّ التَّعَلِّي: إِمَّا أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ صَاحِبُهُ لِنَفْسِهِ، وَإِِمَّا يَبِيعُهُ لِغَيْرِهِ.
أَمَّا اسْتِعْمَالُهُ لِنَفْسِهِ: فَقَدْ نَصَّتِ الْمَادَّةُ (1198) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ عَلَى أَنَّ: كُل أَحَدٍ لَهُ التَّعَلِّي عَلَى حَائِطِهِ الْمِلْكِ، وَبِنَاءُ مَا يُرِيدُ، وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا فَاحِشًا.
__________
(1) المغرب في ترتيب المعرب، ولسان العرب.
وَقَال الأَْتَاسِيُّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ: وَلاَ عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَسُدُّ عَنْهُ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ، كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ. وَفِي الأَْنْقِرَوِيَّةِ: لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى حَائِطِ نَفْسِهِ أَزْيَدَ مِمَّا كَانَ، وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ وَإِِنْ بَلَغَ عَنَانَ السَّمَاءِ (1) .
وَأَمَّا بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) : إِِلَى جَوَازِهِ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:
أَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ مَتَى كَانَ الْمَبِيعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا، كَعَشْرَةِ أَذْرُعٍ مَثَلاً مِنْ مَحَل هَوَاءٍ، فَوْقَ مَحَلٍّ مُتَّصِلٍ بِأَرْضٍ أَوْ بِنَاءٍ، بِأَنْ كَانَ لِشَخْصٍ أَرْضٌ خَالِيَةٌ مِنَ الْبِنَاءِ أَرَادَ الْبِنَاءَ بِهَا، أَوْ كَانَ لَهُ بِنَاءٌ أَرَادَ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ، فَيَشْتَرِي شَخْصٌ مِنْهُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنَ الْفَرَاغِ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الْبِنَاءِ الَّذِي أَرَادَ إِحْدَاثَهُ، فَيَجُوزُ مَتَى وَصَفَ الْبِنَاءَ الَّذِي أُرِيدَ إِحْدَاثُهُ أَسْفَل وَأَعْلَى، لِيَقِل الضَّرَرُ؛ لأَِنَّ صَاحِبَ الأَْسْفَل رَغْبَتُهُ فِي خِفَّةِ الأَْعْلَى، وَصَاحِبُ الأَْعْلَى رَغْبَتُهُ فِي مَتَانَةِ الأَْسْفَل، وَلِصَاحِبِ الْبِنَاءِ الأَْعْلَى الاِنْتِفَاعُ بِمَا فَوْقَ بِنَائِهِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ، إِذْ يَمْلِكُ جَمِيعَ الْهَوَاءِ الَّذِي فَوْقَ بِنَاءِ الأَْسْفَل، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الأَْسْفَل الاِنْتِفَاعُ بِمَا فَوْقَ بِنَاءِ الأَْعْلَى، لاَ بِالْبِنَاءِ وَلاَ بِغَيْرِهِ.
وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ، مَتَى كَانَ الْمَبِيعُ حَقَّ الْبِنَاءِ
__________
(1) شرح مجلة الأحكام العدلية 4 / 167 ط حمص.

الصفحة 292